للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يُعْطِيهِ، وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: يُعْجِبُنِي إذَا سَأَلَ سَائِلٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْطَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْإِجَارَة وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَابًا]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ تَفْسِير الْإِجَارَةِ وَرُكْنهَا وَأَلْفَاظهَا وَشَرَائِطهَا]

(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

(وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَابًا) .

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِجَارَةِ وَرُكْنِهَا وَأَلْفَاظِهَا وَشَرَائِطِهَا وَبَيَانِ أَنْوَاعِهَا وَحُكْمِهَا وَكَيْفِيَّةِ انْعِقَادِهَا وَصِفَتِهَا)

(أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ.

(وَأَمَّا بَيَانُ أَلْفَاظِهَا) . فَنَقُولُ الْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: آجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ، نَحْوُ: آجِرْنِي، فَيَقُولُ الْآخَرُ: آجَرْتُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصُّلْحِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ مِنْ آخَرَ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَعَارَ عَيْنًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ شَهْرًا حَكَى أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يُعْتَبَرُ إجَارَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ الْعَطِيَّةِ مِنْ هِبَةِ الْأَصْلِ.

إذَا قَالَ دَارِي هَذِهِ لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَالَ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ، هَلْ تَكُونُ لَازِمَةً ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا لَا تَكُونُ لَازِمَةً حَتَّى كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا سَكَنَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً، وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: رَجُلٌ ادَّعَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَشْرَ سِنِينَ جَازَ فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الَّذِي صَالَحَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ بَاعَ الْمُدَّعِي هَذِهِ السُّكْنَى بَيْعًا مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُجِزْ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ السُّكْنَى لِتَرْكِ التَّوْقِيتِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ مِنْكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ بِكَذَا، ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي النِّهَايَة.

ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إذَا وُجِدَ التَّوْقِيتُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ خِدْمَةَ عَبْدِكَ هَذَا شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ سَنَةً يَخْدُمُكَ بِكَذَا جَازَ وَيَكُونُ إجَارَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي، بَيَانُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ فِي إجَارَةِ الثِّيَابِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قُدُورًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا لَا يَجُوزُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقُدُورِ مِنْ حَيْثُ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنْ جَاءَ بِقُدُورٍ وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ جَازَ وَيَكُونُ هَذَا إجَارَةً مُبْتَدَأَةً بِالتَّعَاطِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِالتَّعَاطِي وَلَا بِقَوْلِهِ (بِمِنْ كروكردى) ، وَقَالَ الْآخَرُ (كردم) ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمَا الْإِجَارَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي الْيَتِيمَةِ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ السَّفِينَةَ أَوْ يَحْتَجِمُ أَوْ يَفْتَصِدُ أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ أَوْ يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنْ السِّقَاءِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الْمَاءِ، فَقَالَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَحْتَاجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>