للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْدَى مِثْلَهُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ قَالَ " لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ " فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَيُمْسِكَ الثَّوْبَ وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، كَذَا عَنْ خَلَفٍ وَالْفَقِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِهَذَا الثَّوْبِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَذَكَرَ هِلَالُ بْنُ يَحْيَى فِي وَقْفِهِ لَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، لَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ، وَأَشَارَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحَدِّدْهَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ بِالْإِشَارَةِ صَارَتْ مَعْلُومَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَّدَهَا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بِالتَّحْدِيدِ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَاسْتَغْنَى عَنْ الْإِشَارَةِ وَتَكُونُ هَذِهِ صَدَقَةَ التَّمْلِيكِ لَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي فَتَاوَى آهُو رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةً، وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ تِلْكَ الْعَشَرَةَ، قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مِائَةَ مَنٍّ مِنْ حِنْطَةٍ، وَقَالَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَدَفَعَ إلَى غَيْرِهِ فِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ فَقِيرٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

مُحْتَاجٌ مَعَهُ دَرَاهِمُ فَالْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ آثَرَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ الصَّبْرِ عَلَى الشِّدَّةِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَصْبِرَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُكِدِّينَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا وَيَأْكُلُونَ إسْرَافًا، قَالَ: مَا لَمْ يَظْهَرْ لَكَ أَنَّ مَا تَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ يُنْفَقُ فِي الْمَعْصِيَةِ أَوْ هُوَ غَنِيٌّ لَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ بِمَا نَوَى مِنْ سَدِّ خَلَّتِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

الصَّبِيُّ إذَا تَصَدَّقَ بِمَالِهِ بِإِذْنِ الْأَبِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ آبِقٍ لَهُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فَحَصَلَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْتُهَا لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَوْلِ الْأَبِ فَالدَّارُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ دَعَا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِلُ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا جَعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ جَازَ فِي السِّرَاجِيَّةِ.

تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِطَازَجَةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فَلَّسَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا ظَاهِرًا، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: إنْ كَانَ قَالَ: قَدْ مَلَكْتُ مِنْهُ فَلْسًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَازَجَةٌ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا، وَإِنْ قَالَ: مَلَكْتُ هَذَا، لَا يَسْتَرِدُّ، قَالَ سَيْفٌ السَّائِلِيُّ: لَا يَسْتَرِدُّ فِي الْحَالَتَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْكِيسِ أَوْ مِنْ الْجَيْبِ لِيَدْفَعَهَا إلَى مِسْكِينٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يَدْفَعْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَوْ تَصَدَّقَ بِأُدْمَةٍ وَدَفَعَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ أَوْ حُلِيٌّ جَازَ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ " كُلُّ مَنْفَعَةٍ تَصِلُ إلَيَّ مِنْ مَالِكَ فَعَلَى أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا " فَإِنْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيمَنْ يُخْرِجُ كِسْرَةً إلَى مِسْكِينٍ فَلَمْ يَجِدْهُ قَالَ: يَضَعُهَا حَتَّى يَجِيءَ آخَرُ، وَإِنْ أَكَلَهَا أَطْعَمَ مِثْلَهَا، قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْضِهَا، لَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُمْضِ، وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اخْتَلَفُوا فِي التَّصَدُّقِ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، قَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى السَّائِلِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى أَذَى النَّاسِ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَوْ كُنْتُ قَاضِيًا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: هَذَا فَلْسٌ وَاحِدٌ يَحْتَاجُ إلَى سَبْعِينَ فَلْسًا لِتَكُونَ تِلْكَ السَّبْعُونَ كَفَّارَةً عَنْ الْفَلْسِ الْوَاحِدِ وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ إذَا قَالَ السَّائِلُ " بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُعْطِيَنِي، كَذَا " لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُرُوءَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>