للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْقُوفًا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الِابْنِ الْمُقِرِّ وَارِثٌ آخَرُ فَأَمَّا إذَا كَانَ وَارِثٌ آخَرُ وَقَدْ كَذَّبَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ كَانَ لِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَاءُ هَذَا النِّصْفِ هُوَ حِصَّةُ الْمُسْتَسْعَى لِلْمُسْتَسْعِي، وَوَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُقِرِّ لِلْمَيِّتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ لَهُ أَقَرَّ أَنَّ الْأَبَ أَعْتَقَهُ وَعِنْدَهُمَا وَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمَيِّتِ، وَوَلَاءُ حِصَّةِ الْمُسْتَسْعَى مَوْقُوفٌ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّفُ الْوَلَاءُ إذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَقْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ اشْتَرَتْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ آبَاءَهُنَّ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ وَتَرَكَتْ مَوْلَى أُمِّهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا ثُلُثَا مَالِهِ بِالْفَرْضِ وَثُلُثَا الثُّلُثِ بِالْوَلَاءِ يَبْقَى ثُلُثُ الثُّلُثِ لِلْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ يَعُودُ إلَى الْأَبِ يَكُونُ لَهُمَا ثُلُثُ ثُلُثِ الثُّلُثِ وَثُلُثُ ثُلُثٍ، الثُّلُثُ لِمَوْلَى أُمِّهَا يَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لِثُلُثِ ثُلُثِهِ ثُلُثٌ، وَأَقَلُّهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لِلْبِنْتَيْنِ وَوَاحِدٌ لِمَوْلَى أُمِّ الْمَيِّتَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي وَلَاء الْمُوَالَاةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]

[الْفَصْل الْأَوَّل فِي سَبَب ثُبُوت وَلَاء الموالاة وَشَرَائِطه وَحُكْمه]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي، وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) : (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِي سَبَبِ ثُبُوتِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَصِفَةِ السَّبَبِ وَبَيَانِ صِفَةِ الْحُكْمِ (أَمَّا) (سَبَبُ ثُبُوتِهِ) فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتُّ وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْت فَيَقُولُ قَبِلْت أَوْ يَقُولُ لَهُ وَالَيْتُك فَيَقُولُ قَبِلْت سَوَاءٌ كَانَ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لِآخَرَ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ إنْسَانٍ، وَلَمْ يُوَالِهِ فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ، وَوَالَى غَيْرَهُ فَهُوَ مَوْلَى لِلَّذِي وَالَاهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(وَأَمَّا) (شَرَائِطُهُ) فَمِنْهَا عَقْلُ الْعَاقِدَيْنِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي جَانِبِ الْإِيجَابِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ مِنْ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ، وَوَالَاهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ الْكَافِرُ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ الْكَافِرِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ فَكَانَ إذْنُهُ، وَعَدَمُ الْإِذْنِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ سَائِرُ عُقُودِهِ بِإِذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.

وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْقَبُولِ فَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى لَوْ وَالَى بَالِغٌ صَبِيًّا فَقَبِلَ الصَّبِيُّ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، فَإِنْ أَجَازَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ وَالَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَبِلَ الْعَبْدُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَإِذَا أَجَازَ جَازَ إلَّا أَنَّ فِي الْعَبْدِ إذَا أَجَازَ الْمَوْلَى فَالْوَلَاءُ مِنْ الْمَوْلَى، وَفِي الصَّبِيِّ إذَا أَجَازَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ يَكُونُ الْوَلَاءُ مِنْ الصَّبِيِّ، وَلَوْ وَالَى رَجُلٌ مُكَاتَبًا جَازَ وَكَانَ الْمَوْلَى مَوْلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُكَاتَبِ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَاقِدِ وَارِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ وَارِثِهِ مَنْ يُقِرُّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِذَا كَانَ لَهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَيُعْطِي نَصِيبَهُمَا وَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى.

وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ حَتَّى لَوْ وَالَى عَرَبِيٌّ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَلَكِنْ يُنْسَبُ إلَى عَشِيرَتِهِ، وَهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ وَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَوَالِي الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهُمْ مِنْهُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَقًا. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ غَيْرُهُ. وَمِنْهَا أَنْ يُشْتَرَطَ الْمِيرَاثُ وَالْعَقْلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ شَرَطَا الْإِرْثَ كَانَ كَذَلِكَ، وَيَتَوَارَثَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْإِسْلَامُ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَوْنُهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.

وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِهَذَا الْعَقْدِ فَيَجُوزُ مُوَالَاةُ الذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّ وَالذِّمِّيِّ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ، وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِهَذَا الْعَقْدِ فَيَجُوزُ مُوَالَاةُ الرَّجُلِ امْرَأَةً وَالْمَرْأَةِ رَجُلًا وَكَذَا دَارُ الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فَوَالَى مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُوَالَاةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(وَأَمَّا) (حُكْمُهُ) فَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ الْإِرْثُ إذَا مَاتَ وَأَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إذَا جَنَى، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ، وَمَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَأَمَّا) (صِفَةُ الْعَقْدِ) فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ.

(وَأَمَّا) (صِفَةُ الْحُكْمِ) فَهُوَ أَنَّ الْوَلَاءَ الثَّابِتَ بِهَذَا الْعَقْدِ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى لَوْ بَاعَ رَجُلٌ وَلَاءَ مُوَالَاةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ بِعَبْدٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>