للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرَنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

ثُمَّ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ إذَا حَبَسَ وَهَلَكَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ أَيْضًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالْأَجْرِ فَإِنْ كَانَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَمَا فِي الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ سَقَطَ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّالِ وَالْمُكَارِي لَا يَسْقُطُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَإِنْ حَبَسَ الْعَيْنَ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغَصْبِ وَالْمُؤَجِّرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا مَعْمُولَةً وَأَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَعْمُولَةٍ وَلَا يُعْطِيهِ الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

إذَا قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلنَّسَّاجِ: اذْهَبْ بِالثَّوْبِ إلَى مَنْزِلِكَ حَتَّى إذَا رَجَعْنَا مِنْ الْجُمُعَةِ سِرْتُ إلَى مَنْزِلِي وَأُوفِي لَكَ أَجْرَكَ، فَاخْتُلِسَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِ الْحَائِكِ فِي الزَّحْمَةِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الْحَائِكُ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ مَكَّنَهُ مِنْ الْأَخْذِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْحَائِكِ لِيُوفِيَ إلَيْهِ الْأَجْرَ يَكُونُ الثَّوْبُ رَهْنًا فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ بِالْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ الْحَائِكُ فَيَكُونُ أَجْرُهُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَى حَالِهِ، وَلَوْ مَنَعَهُ الْحَائِكُ بِالْأَجْرِ قَبْلَ الدَّفْعِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ كَانَ حَسَنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ قَصَّارًا فَأَمَرَهُ بِالْإِمْسَاكِ لِيُوفِيَ لَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ النَّسَّاجِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

حَائِكٌ عَمِلَ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَتَعَلَّقَ الْأَجْرُ بِهِ لِيَأْخُذَهُ وَأَبَى الْحَائِكُ أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ الْأَجْرَ فَتَخَرَّقَ مِنْ مَدِّ صَاحِبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَائِكِ، وَإِنْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِمَا فَعَلَى الْحَائِكِ نِصْفُ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَالسِّمْسَارُ إذَا بَاعَ مَا أُمِرَ بِبَيْعِهِ مِنْ الثِّيَابِ وَأَمْسَكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الثِّيَابِ الثَّمَنَ حَتَّى يَنْقُدَهُ الْأَجْرَ فَسُرِقَ مِنْهُ الثَّمَنُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمَحْمُولَةِ إذَا قَالَ لِلْحَمَّالِ: أَمْسِكْ الْمَحْمُولَةَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الْأَجْرَ فَسُرِقَتْ الْمَحْمُولَةُ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِفِعْلِ السِّمْسَارِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ وَمَنْ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ فِي الْعَيْنِ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ بِالْأَجْرِ فَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ يَجُوزُ فَإِنْ فَسَخَا الْإِجَارَةَ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجَرَ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ مَدْيُونِهِ وَقَاصَّ بَعْضَ الدَّيْنِ بِالْأَجْرِ فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ سَكَنَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا سَكَنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

إذَا آجَرَ دَارِهِ وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى مَاتَ الْآجِرُ وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْحَبْسِ لِيَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

ذَكَرَ الْحَاكِمُ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُمْسِكَ الْعَبْدَ حَتَّى يَرُدَّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْأَجْرِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ وَيَرْجِعُ بِالْأَجْرِ فَيَأْخُذُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ الْأَوْقَات الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ) . يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ أَوْ طَالَتْ كَالسِّنِينَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِمَّا سَمَّى، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا، كَذَا فِي الْكَافِي.

لَوْ آجَرَ دَارِهِ شَهْرًا وَهُوَ الْمُحَرَّمُ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ آخَرَ شَهْرَ صَفَرٍ وَالْعَقْدُ فِي الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الدَّارَ أَوَّلًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّمِ فَإِذَا انْسَلَخَ يُسَلِّمُهَا إلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَ فِي صَفَرٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ شَهْرًا أَوْ شُهُورًا مَعْلُومَةً فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى الْأَهِلَّةِ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى إذَا نَقَصَ الشَّهْرُ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ كَمَالُ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ مَا مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ فَفِي إجَارَةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الشُّهُورِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>