للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ سُدُسُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ]

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ) وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا خَطَأً، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ، أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْأَمَةِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي الْهِدَايَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَهَلَكَ فِي يَدِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ خَطَأً لَمْ يَغْرَمْ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً لِلْمَالِكِ ثُمَّ يَدْفَعُهَا الْمَوْلَى إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَخْتُومًا، وَرَجُلٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ مَخْتُومَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومَيْنِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ فِيمَا جُنِيَ عَلَى الْمَمَالِيكِ خَطَأً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا، فَإِذَا بَلَغَ النَّفْسَ عَقَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى أَطْرَافِ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ الدِّيَةُ تَجِبُ فِي الْعَبْدِ الْقِيمَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَفِيهِ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ يَنْقُصُ عَشَرَةً أَوْ خَمْسَةً، وَعِنْدَهُمَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمُ مَنْقُوصًا بِالْجِنَايَةِ، فَيَجِبُ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا فَاتَ بِفَوَاتِهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَذَلِكَ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ، فَأَمَّا مَا يُقْصَدُ بِهِ الزِّينَةُ نَحْوُ الْأُذُنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكَافِي. وَكُلُّ جِنَايَةٍ لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي حَقِّ الْحُرِّ، فَفِي الْعَبْدِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ إذَا شَقَّهَا إنْسَانٌ فَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ، وَفِي حَاجِبَيْهِ، وَفِي أُذُنَيْهِ مَا نَقَصَهُ، وَهُوَ قَوْلِي، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ فِي اللِّحْيَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَكِنْ أَحْفَظُ عَنْهُ فِي شَعَرِ الرَّأْسِ أَنَّ مَوْلَاهُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْهُ، وَأَخَذَ مِنْ الْجَانِي مَا نَقَصَهُ، وَفِي الْأَصْلِ أَنَّ فِي شَعَرِ الْعَبْدِ وَلِحْيَتِهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَكَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أُذُنِ الْعَبْدِ، وَأَنْفِهِ، وَلِحْيَتِهِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَفِي الْمُخْتَلَفَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُجَرَّدِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَلَوْ حَلَقَ جَعْدٌ عَبْدَ إنْسَانٍ، وَنَبَتَ مَكَانَهُ أَبْيَضُ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ، وَلَيْسَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَبِهِ جَعْدٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَلَا جَعْدَ بِهِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ سُودٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ بِيضٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ عَبْدَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ، فَمَاتَ الْعَبْدُ مِنْ غَيْرِ الْفَقْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَاقِئِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهُ إنْسَانٌ لَزِمَ الْفَاقِئَ النُّقْصَانُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ضَمِنَ النُّقْصَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْ عَبْدٍ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، فَعَلَى الْفَاقِئِ مَا نَقَصَهُ، وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>