للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ رَقِيقًا وَيَرُدُّ الْمَرْأَةَ إلَى زَوْجِهَا وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنْ كَانَ قَضَى بِالْقِصَاصِ وَاسْتُوْفِيَ لَا يَقْتُلُ الْمَقْضِيَّ لَهُ بِالْقِصَاصِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ قُتِلَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَصِيرُ صُورَةُ الْقَضَاءِ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْمَقْضِيِّ، لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ظَهَرَ خَطَأُ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ فَأَمَّا إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْقَاضِي لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ حَتَّى لَا يَبْطُلَ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَهُوَ نَظِيرُ الشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ لَا يَعْمَلُ رُجُوعُهُ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ حَتَّى لَا يَنْقُضَ الْقَضَاءَ وَلَكِنَّ الشَّاهِدَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا، وَإِنْ أَخْطَأَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ قَضَى بِحَدِّ الزِّنَا أَوْ بِحَدِّ السَّرِقَةِ أَوْ بِحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ وَاسْتُوْفِيَ الْقَطْعُ وَالرَّجْمُ وَالْحَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي تَعَمَّدَ الْجَوْرَ فِيمَا قَضَى وَأَقَرَّ بِهِ فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِالْجِنَايَةِ وَالْإِتْلَافِ، وَيُعَزَّرُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ لِارْتِكَابِهِ الْجَرِيمَةَ الْعَظِيمَةَ، قَالَ: وَيُعْزَلُ عَنْ الْقَضَاءِ. وَلَمْ يَقُلْ: وَيَنْعَزِلُ عَنْ الْقَضَاءِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ لَا يَنْعَزِلُ وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي أَقْوَالِ الْقَاضِي وَمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ]

َ وَمَا لَا يَفْعَلُ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: أَقَرَّ فُلَانٌ عِنْدِي بِكَذَا لِيَقْضِيَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ طَلَاقٍ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ رَجُلٌ عَدْلٌ، قَالَ: وَلَا أُقِيمُ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ بِقَوْلِ قَاضٍ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا حَتَّى يَقُولَ مَعَهُ الرَّجُلُ الْعَدْلُ، فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عِنْدِي عَدْلًا وَالشَّاهِدُ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدْلًا وَسِعَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَا غَيْرَ عَادِلَيْنِ لَمْ نُصَدِّقْ قَوْلَهُمَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَلِيَ قَطْعَ يَدِ هَذَا بِإِقْرَارٍ زَعَمَ مِنْهُ عِنْدَهُ كَانَ فِي الْقِيَاسِ أَنْ أَقْطَعَ يَدَهُ بِيَدِهِ وَلَكِنِّي أَدْرَأُ عَنْهُ الْقِصَاصَ لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي: أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، نَافِذٌ عَلَيْهِ، قَالَ: وَأَجْعَلُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَيْهِ هَذَا جُمْلَةُ مَا ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَاعْلَمْ أَنَّ إخْبَارَ الْقَاضِي عَنْ إقْرَارِ رَجُلٍ بِشَيْءٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ إقْرَارِهِ بِشَيْءٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَالْحَدِّ فِي بَابِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَاعِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ إقْرَارِهِ بِشَيْءٍ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ الَّتِي هِيَ لِلْعِبَادِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا، وَمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ فَهُوَ قَوْلُهُ آخِرًا ثُمَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَعَتْ رِوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>