للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَصَدَّقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِصَدَقَةٍ أَوْ نَحَلَهُ أَوْ أَعْمَرَهُ، فَقَالَ هَذَا عِوَضُ هِبَتِكَ جَازَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.

وَيَجُوزُ تَعْوِيضُ الْأَجْنَبِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَوِّضِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ سَوَاءٌ عَوَّضَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: عَوِّضْ فُلَانًا عَنِّي عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: هَبْ لِفُلَانٍ عَبْدَكَ هَذَا عَنِّي فَإِنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْآمِرُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ، وَكُلُّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً فَعَوَّضَهُ عِوَضًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ فَقَبَضَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ تَزْدَدْ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَقَدْ ازْدَادَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَرْجِعْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ دِرْهَمًا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا عِنْدَنَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَعَوَّضَهُ بَيْتًا مِنْهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ دَارِهِ بِشَرْطِ عِوَضٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَيَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ مَا شَرَطَ أَوْ قِيمَتَهُ، وَلَوْ حَضَرَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا دَفَعَ الْمَشْرُوطُ إلَى الْوَاهِبِ أَخَذَهَا بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَيْهِ ثُمَّ عَوَّضَهُ الثَّوْبَ أَوْ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ وَهَبَ لَهُ حِنْطَةً وَطَحَنَ بَعْضَهَا وَعَوَّضَهُ دَقِيقًا مِنْ تِلْكَ الْحِنْطَةِ كَانَ عِوَضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ ثِيَابًا وَصَبَغَ مِنْهَا ثَوْبًا بِعُصْفُرٍ أَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا وَعَوَّضَهُ إيَّاهُ كَانَ عِوَضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ سَوِيقًا فَلَتَّ بَعْضَهُ وَعَوَّضَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ وَهَبَ نَصْرَانِيٌّ لِمُسْلِمٍ هِبَةً فَعَوَّضَهُ الْمُسْلِمُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ يَكُنْ عِوَضًا وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا عَوَّضَ الْوَاهِبَ شَاةً مَسْلُوخَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَيِّتَةٌ رَجَعَ الْوَاهِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْهِبَةَ جَازَتْ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَا لَمْ يُعَوِّضْهُ الْمَوْهُوبُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَإِنْ عَوَّضَ الرَّجُلَ الَّذِي وَهَبَ لَهُ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ رَبَّ الثَّوْبِ لَهُ مِنْ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً وَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ هِبَتِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي الَّذِي لَهُ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ وَالِدُ الصَّغِيرِ إذَا وَهَبَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الصَّغِيرُ إذَا وَهَبَ مَالَهُ لِرَجُلٍ فَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَوَّضَهُ عَنْ هِبَةٍ بَاطِلَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ هِبَةً فَعَوَّضَهُ الْأَبُ عَنْهَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ تَعْوِيضُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

وَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَتَيْنِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَعَوَّضَهُ الْوَلَدُ عَنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

مَرِيضٌ وَهَبَ لِلصَّحِيحِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَعَوَّضَهُ الصَّحِيحُ مِنْهُ عِوَضًا وَقَبَضَهُ الْمَرِيضُ ثُمَّ مَاتَ وَالْعِوَضُ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِثْلَ ثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ نِصْفَ قِيمَةِ الْهِبَةِ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ فِي سُدُسِ الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْهِبَةِ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ الْهِبَةَ كُلِّهَا وَأَخَذَ الْعِوَضَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ سُدُسَ الْهِبَةِ وَأَمْسَكَ الْبَاقِيَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ]

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ) . فِي الْبَقَّالِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذِهِ الْعَيْنُ لَكَ إنْ شِئْتَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَقَالَ: شِئْتُ، يَجُوزُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّمْرِ إذَا طَلَعَ، فَقَالَ صَاحِبُ التَّمْرِ لِغَيْرِهِ: هُوَ لَكَ إنْ أَدْرَكَ، أَوْ قَالَ: إذَا كَانَ غَدٌ فَهُوَ جَائِزٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>