للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْدَ الْبَيْعِ عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ فَلِهَذَا سَقَطَ خِيَارُهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَّةَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ كُلِّ الدَّارِ وَذَكَرَ مَكَانَهُ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْآخَرِ لَمْ يَبِعْهُ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا بَاعَ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَجَابَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ وَضَمَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ لَمْ يَبِعْ مَا أَصَابَهُ وَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ بَاعَ نَصِيبَهُ يَضُمُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى قِيمَةِ مَا كَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ فَيَقْسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دُورًا ثَلَاثَةً أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ دَارِ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُنَا: الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ كُلَّهَا وَاسْتَقْبَلُوهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النِّصْفَ وَرَجَعَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقِسْمَةُ بِحُكْمٍ وَبِغَيْرِ حُكْمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا اقْتَسَمَا دَارًا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَقِيمَةُ النَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا بَاعَ فَيَقْسِمُ مَعَ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ عِنْدَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قِسْمَةٍ فَاسِدَةٍ مَمْلُوكٌ لَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَجَازَ بَيْعُهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ قِيمَةِ نِصْفِ مَا بَاعَ وَعِنْدَهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فَإِذَا بَاعَ مَا فِي يَدِهِ بَطَلَ الْخِيَارُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ مَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ مِلْكُهُ، وَنِصْفُهُ عِوَضٌ عَمَّا تَرَكَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ عِوَضَهُ يَرْجِعُ بِمَا تَرَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَكَذَلِكَ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهِيَ مِائَةُ جَرِيبٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ تِسْعِينَ جَرِيبًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي أَصَابَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جَرِيبٌ مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَجْرِبَةِ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ مِنْهَا عَلَى الْبَائِعِ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعِينَ جَرِيبًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ تِسْعَةُ أَجْرِبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ التِّسْعِينَ جَرِيبًا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِصَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا كَانَتْ مِائَةُ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ مِنْهَا تُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ سِتِّينَ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُسَاوِي عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي السِّتِّينَ شَاةً فِي قَوْلِهِمْ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً عِنْدَهُمْ وَلَا يُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>