للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَرْجِعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

نَهْرَانِ لِقَرْيَتَيْنِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَرِيمِهِمَا فَمَا كَانَ مَشْغُولًا بِتُرَابِ أَحَدِ النَّهْرَيْنِ فَهُوَ فِي أَيْدِي أَهْلِ ذَلِكَ النَّهْرِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لَهُمْ وَلَا يُصَدَّقُ الْآخَرُونَ عَلَى دَعْوَاهُمْ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَمَا كَانَ بَيْنَ النَّهْرَيْنِ مِنْ مَوْضِعٍ فَارِغٍ لَمْ يُشْغَلْ بِتُرَابِ أَحَدِهِمَا وَلَا تَنَازُعَ فِيهِ لِأَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ فَهُوَ بَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِإِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ بَيِّنَةٌ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ خَاصَّةً وَقَدْ مَرَّ نَحْوُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ كَذَا فِي الْكُبْرَى.

مَنْ كَانَ لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مُسَنَّاةٌ يَمْشِي عَلَيْهَا وَيُلْقِي عَلَيْهَا طِينَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ.

مَنْ بَنَى قَصْرًا فِي مَفَازَةٍ لَا يَسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَرِيمًا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْقَصْرِ بِدُونِ الْحَرِيمِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْبِئْرِ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَيْهِ دُونَ حَاجَةِ صَاحِبِ الْبِئْرِ إلَى الْحَرِيمِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ.

بِئْرٌ لِرَجُلٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ حَقُّ إلْقَاءِ الطِّينِ فِي دَارِهِ إذَا حَفَرَ الْبِئْرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَوْ فِي مَحَلَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَفِيهِ نَفْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا قَالَ هَاهُنَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يُحْفَرُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَمَنْ حَفَرَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا حَفَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَاكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِهَا]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِهَا) وَالْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى السُّلْطَانِ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا لَا يُجْبَرُونَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ النَّهْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَقَاسِمِ كَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَجَيْحُونَ وَسَيْحُونُ وَالنِّيلِ وَهُوَ نَهْرٌ فِي الرُّومِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَإِصْلَاحِ شَطِّهِ

يَكُونُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ يُجْبِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كَرْيِهِ وَيُخْرِجُهُمْ لِأَجْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهَا نَهْرًا لِأَرْضِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ يَنْكَسِرَ شَطُّ النَّهْرِ أَوْ يُخَافَ مِنْهُ الْغَرَقُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ كَرْيُهُ وَإِصْلَاحُهُ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْأَنْهَارُ الْعِظَامُ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الْمَقَاسِمِ.

عَلَيْهِ قُرًى وَاحْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا أَجْبَرَهُمْ لِأَنَّ فَسَادَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْعَامَّةِ وَفِيهِ تَقْلِيلُ الْمَاءِ عَلَى أَهْلِ الشَّفَةِ وَعَسَى يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى عِزَّةِ الطَّعَامِ فَإِذَا كَانَ مَنْفَعَةُ الْمَاءِ تَعُودُ إلَيْهِمْ وَضَرَرُ تَرْكِ الْكَرْيِ يَرْجِعُ إلَى الْعَامَّةِ

أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْكَرْيِ

وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْرِيَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرًا لِأَرْضِهِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْمَاءِ الشُّفْعَةَ.

وَأَمَّا النَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ وَإِذَا امْتَنَعُوا لَا يُجْبَرُونَ فَهُوَ النَّهْرُ الْخَاصُّ وَتَكَلَّمُوا فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ فَمَا دُونَهَا أَوْ عَلَيْهِ قَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ يُقَسَّمُ مَاؤُهُ فِيهَا فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِينَ فَهُوَ عَامٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْمِائَةِ فَهُوَ خَاصٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَلْفِ فَهُوَ خَاصٌّ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ إنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّ الْأَقَاوِيلِ شَاءَ.

ثُمَّ فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ لَوْ أَرَادَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْكَرْيَ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْبِرُهُمْ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>