للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ أَنْ يُسَرَّحَ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ يُبْنَى فِيهِ أَوْ يُغْزَى بِهِ التُّرْكَ أَوْ الدَّيْلَمَ وَالْمُوصِي مِنْ النَّصَارَى فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلنَّائِحَاتِ أَوْ لِلْمُغَنِّيَاتِ فَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ صَحِيحَةً وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ بَاطِلَةً، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُبْنَى بِهِ مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَتُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَكَانُوا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا حَجُّوا بِهِ وَبَنَوْا الْمَسْجِدَ وَإِنْ شَاءُوا لَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ يُبْنَى بِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فَعَلَى قَوْلِهِمَا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا مِنْهُمْ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَقَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْقُرَى أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْأَمْصَارِ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَوْصَى لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ دَخَلَ وَارِثُهُ مَعَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وُقِفَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا تَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَكِنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ أَوْصَى الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ صَارُوا ذِمَّةً، ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا أَجَزْتهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَبْطَلْتهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ لَوْ أَوْصَى مِنْ مَعْصُومٍ بِبَعْضِ مَالِهِ يُدْفَعُ الْبَاقِي إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَحَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ، وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ لَمْ يَصِحَّ كَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَوْصَى لِخِلَافِ مِلَّتِهِ صَحَّ كَالْإِرْثِ وَلَوْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ لِحَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْلِمٌ إلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ، ثُمَّ أَوْصَى بِبَعْضِ هَذِهِ الْوَصَايَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَقَّفُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ مِنْ وَصَايَاهُ وَيَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفَاتُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَكَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ وَصَايَاهَا مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَتْ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا بِأَنْ أَوْصَتْ بِبِنَاءِ الْبِيعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَإِنِّي لَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَيْئًا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَصَاحِبُ الْهَوَى إنْ كَانَ لَا يَكْفُرُ فَهُوَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ ظَاهِرًا وَإِذَا كَانَ يَكْفُرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَصَرُّفَاتِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

إذَا صَنَعَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

[مَسَائِلَ شَتَّى]

(مَسَائِلَ شَتَّى) رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُوصِيَ وَصِيَّةً فَوَهَبَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَوْ اشْتَرَى ابْنًا لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا، وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ وَأَمَرَ بِتَنْفِيذِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ، فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مَا فَعَلَ وَقَالُوا: أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ تَنْصَرِفُ الْإِجَازَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ لَا إلَى الْهِبَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَجَزْنَا مَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا.

مَرِيضٌ أَوْصَى بِوَصَايَا ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَعَاشَ سِنِينَ، ثُمَّ مَرِضَ فَوَصَايَاهُ بَاقِيَةٌ إنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>