للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِمَا وَيُقْضَى بِالْعُلْوِ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ أَصْلًا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِحْلَافِ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْحِيطَانِ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا يَجِبُ عَلَيْك بِنَاءُ هَذَا السُّفْلِ الَّذِي يَجِبُ لِهَذَا بِنَاءُ عُلْوِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَك وَلَا يَجِبُ عَلَيْك بِنَاؤُهَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهَذَا يُفْتَى وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك حَقُّ بِنَاءِ الْعُلْوِ عَلَى سُفْلِك لَوْ بَنَى فَإِذَا حَلَفُوا يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إنْ شِئْت أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ فَابْنِ وَتَبْنِي عَلَيْهِ مَا ادَّعَيْت عَلَيْهِ مِنْ الْعُلْوِ وَتَمْنَعَ صَاحِبَك مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَى أَنْ يَدْفَعَ لَك مَا أَنْفَقْت وَإِنْ شِئْت فَدَعْ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ]

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ) لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ حَقَّ الْمُرُورِ وَرَقَبَةَ الطَّرِيقِ فِي دَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَذَا شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا لَمْ تُقْبَلْ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ أَنَّهُ فِي مُقَدَّمِ الدَّارِ أَوْ فِي مُؤَخَّرِهَا، وَيَذْكُرُ طُولَ الطَّرِيقِ وَعَرْضَهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا مَوْضِعَ الطَّرِيقِ وَمِقْدَارَهَا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِهَا وَهَهُنَا لَا يَتَعَذَّرُ فَإِنَّ عَرْضَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ يُجْعَلُ حَكَمًا بِمَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ مِيرَاثًا لَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنْ دَارِهِ عَلَى حَائِطٍ فِي زُقَاقٍ أَنْكَرَ أَهْلُ الزُّقَاقِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي زُقَاقِهِمْ فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا ثَابِتًا فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا كَانَ الْمِيزَابُ مَنْصُوبًا إلَى دَارِ الرَّجُلِ وَاخْتَلَفَا فِي حَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِسَالَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ عَدَمِ جَرَيَانِ الْمَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ وَإِسَالَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَيْضًا أَنْ يَقْطَعَ الْمِيزَابَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا أَنَّ الْمِيزَابَ إذَا كَانَ قَدِيمًا وَكَانَ تَصْوِيبُ السَّطْحِ إلَى دَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّ التَّصْوِيبَ قَدِيمٌ وَلَيْسَ بِمُحْدَثٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حَقَّ التَّسْيِيلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الْمَاءِ قِيلَ: الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْمِيزَابِ وَيَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ وَبَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ مِنْ هَذَا الْمِيزَابِ فَهُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فِيهِ، وَإِنْ بَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الْمَطَرِ فِيهِ، وَإِنْ قَالُوا لَهُ فِيهَا حَقُّ مَسِيلِ مَاءٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوا لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ وَالْقَوْلُ لِرَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ لِمَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسَالَةِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْمَسِيلِ وَفِي الطَّرِيقِ تُقْبَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَصْلًا اسْتَخْلَفَ صَاحِبَ الدَّارِ وَيَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ كَذَا فِي الْحَاوِي.

فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>