للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ خُصُوصًا فِي الْأَنْكِحَةِ فَإِنَّهُمْ يَبْذُلُونَ السُّكَّرَ وَالْجَلَّابَ وَيَنْشُرُونَ الدَّرَاهِمَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي الشَّهَادَةِ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ لَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ فَأَمَرَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ فَعَلَّمَاهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي بَلْ هُوَ جَائِزٌ فِيمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُصُومَةِ، وَلَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

نَصَّ فِي الْخُلَاصَةِ شَهَادَةُ الْجُنْدِ لِلْأَمِيرِ لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ تُقْبَلُ نَصَّ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ فِي حَدِّ الْإِحْصَاءِ مِائَةٌ وَمَا دُونَهُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يُحْصَوْنَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَنَّ سَرِيَّةً رَجَعَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأُسَارَى، وَقَالَتْ الْأُسَارَى نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَخَذَنَا هَؤُلَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَتْ السَّرِيَّةُ أَخَذْنَاهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأُسَارَى، فَإِنْ أَقَامَتْ السَّرِيَّةُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُمْ إنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ التُّجَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ السَّرِيَّةِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْجُنْدِ فَشَهِدَ بَعْضُ الْجُنْدِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ السَّرِيَّةَ قَوْمٌ يُحْصَوْنَ فَكَانَتْ شَهَادَةُ الْبَعْضِ شَهَادَةً عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْجَيْشُ فَجَمْعٌ عَظِيمٌ فَلَا يُعْتَبَرُ حَقُّهُمْ مَانِعًا مِنْ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْدُودِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَحْدُودِ]

لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِحَضْرَةِ الْعَقَارِ لَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي.

إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ وَقَالُوا لَا نَعْرِفُ الرَّابِعَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ الْحَدُّ الثَّالِثُ مُحَاذِيًا لِلْحَدِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا ادَّعَى أَرْضًا مُثَلَّثَةً وَذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ وَالشُّهُودُ ذَكَرُوا حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ ذَكَرَ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لَكِنَّ أَحَدَ الْحُدُودِ بَقِيَ مَجْهُولًا لَا يَضُرُّهُ، هُوَ وَالتَّرْكُ سَوَاءٌ، وَلَوْ غَلِطَ الشَّاهِدُ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي مُطْلَقًا، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَتُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. .

وَإِنَّمَا يَثْبُتُ غَلَطُ الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَنِّي قَدْ غَلِطْتُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ غَلِطَ فِي الْحُدُودِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>