للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ أَوْ يُقِيمَ شَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.

عَبْدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ جَاحِدٌ، أَوْ سَاكِتٌ فَقُضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَامَ عَلَى صَاحِبِهِ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ أَوْ غَيْرَهَا أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ شَاهِدًا أَصْلًا، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقُضِيَ بِهِ لِمَنْ عَدَلَتْ بَيِّنَتُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِهِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ لَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، وَلَا حَقُّ الْمِلْكِ؛ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِإِزَالَةِ الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ ثَابِتًا لَهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إزَالَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تُزَكَّ بَيِّنَتُهُ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلَّذِي لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَدَفَعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ، ثُمَّ زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الَّذِي أَقَامَهَا وَأَخَذَ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الْعَبْدَ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمَقَرَّ لَهُ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي - وَهُوَ غَيْرُ الْمَقَرِّ لَهُ -: أَنَا أُعِيدُ شُهُودِي عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ، هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا قُضِيَ بِبَيِّنَتِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمَقَرِّ لَهُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ]

(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ وَحُكْمِ الْقَاضِي وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَصَرَ يَدَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَكَ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيَّ بِالثَّمَنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي مِنْ أَمَتِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَإِنَّ الْبَائِعَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ عَلَى ذِي الْيَدِ قَضَاءٌ عَلَى مَنْ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، الْبَائِعُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَلَكِنْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا بِالنَّتَاجِ، وَالْبَائِعُ هَهُنَا لَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَإِنَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّتَاجِ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِجِهَةٍ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا فِي جِهَةٍ أُخْرَى.

أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ إنْسَانٍ مِلْكًا مُطْلَقًا وَصَاحِبُ الْيَدِ يَدَّعِي النَّتَاجَ فَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِالدَّابَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ وَأَقَامَهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>