للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَصُورَتُهَا عِنْدَهُمَا أَنَّ مَنْ تَجَدَّدَتْ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَدًا أَوْ مَالًا أَوْ وَجَدَ ضَالَّةً أَوْ انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ أَوْ شُفِيَ مَرِيضٌ لَهُ أَوْ قَدِمَ لَهُ غَائِبٌ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ فِيهَا وَيُسَبِّحُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

قَالَ فِي الْحُجَّةِ: وَلَا يُمْنَعُ الْعِبَادُ مِنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَأَمَّا إذَا سَجَدَ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَمَا يَفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالُ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ) إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ فِي تَفْسِيرِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ إبْطَاءَ الْبُرْءِ بِالْقِيَامِ أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَوْ يَجِدُ وَجَعًا لِذَلِكَ فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ ذَلِكَ الْقِيَامِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَقُومَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ حَتَّى إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَيَقْرَأَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ إذَا عَجَزَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِفْتُ أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

الْمَرِيضُ إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ وَإِذَا خَرَجَ لَا يَسْتَطِيعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا وَبِهِ يُفْتَى، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

ثُمَّ إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا كَيْفَ يَقْعُدُ الْأَصَحُّ أَنْ يَقْعُدَ كَيْفَ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا وَقَدَرَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ سَوَّى لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا بِإِيمَاءٍ جَازَ عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَالْمُومِئُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِالْإِيمَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لِلْمُومِئِ أَنْ يَرْفَعَ إلَيْهِ عُودًا أَوْ وِسَادَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ يُخْفِضُ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَكُونُ مُسِيئًا هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَإِنْ كَانَ لَا يُخْفِضُ رَأْسَهُ لَكِنْ يُوضَعُ الْعُودُ عَلَى جَبْهَتِهِ لَمْ يَجُزْ هُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ وَكَانَ يَسْجُدُ عَلَيْهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِنْ كَانَ بِجَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ وَأَوْمَأَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقُعُودُ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>