للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَوْدَعْتُكَ أَوْ أَقْرَضْتُكَ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ إلَّا أَنَّكَ اسْتَهْلَكْتَ بَعْدَمَا صَلَحْتَ وَلِي عَلَيْكَ ضَمَانٌ، وَالْمَحْجُورُ يَقُولُ: لَا بَلْ اسْتَهْلَكْتُ فِي حَالِ الْفَسَادِ وَلَا ضَمَانَ لَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ، وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْبَيِّنَةُ إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِهِ بَعْدَمَا صَلَحَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ حَدِّ الْبُلُوغِ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ حَدِّ الْبُلُوغِ) بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْإِحْبَالِ أَوْ الْإِنْزَالِ، وَالْجَارِيَةُ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَبَلِ، كَذَا فِي الْمُخْتَارِ. وَالسِّنُّ الَّذِي يُحْكَمُ بِبُلُوغِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ إذَا انْتَهَيَا إلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً لِلْغُلَامِ وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِلْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَأَدْنَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَنَحْوِهِ فِي حَقِّ الْغُلَامِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَفِي الْجَارِيَةِ تِسْعُ سِنِينَ، وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ إنْ ادَّعَى وَهُوَ مَا دُونَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْغُلَامِ وَتِسْعِ سِنِينَ فِي الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْمَعْدِنِ. فَإِنْ أَخْبَرَا بِهِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُمَا الظَّاهِرُ قُبِلَ قَوْلُهُمَا كَمَا قُبِلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَهُمَا فِي ذَلِكَ صَارَتْ أَحْكَامُهُمَا أَحْكَامَ الْبَالِغِينَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ.

وَإِنْ حَاضَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ احْتَلَمَ الْغُلَامُ أَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ الْغُلَامُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْجَارِيَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأُونِسَ مِنْهُمَا الرُّشْدُ وَاخْتُبِرَا بِالْحِفْظِ لِأَمْوَالِهِمَا وَالصَّلَاحِ فِي دِينِهِمَا دُفِعَتْ إلَيْهِمَا أَمْوَالُهُمَا، فَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَأْنَسَيْنِ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِمَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ ذَلِكَ، إلَّا إذَا تَأَخَّرَ الِاحْتِلَامُ أَوْ الْحَيْضُ فَالْبُلُوغُ بِالسِّنِّ، فَإِذَا حُكِمَ بِالْبُلُوغِ عِنْدَ إدْرَاكِ السِّنِّ أَوْ بِالْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ إنْ كَانَ رَشِيدًا مُصْلِحًا دُفِعَ إلَيْهِ الْمَالُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ كَانَ مُفْسِدًا فَلِوَصِيِّهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الْمَالَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا رَاهَقَ الْغُلَامُ أَوْ الْجَارِيَةُ الْحُلُمَ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ فِي الْبُلُوغِ فَقَالَ: قَدْ بَلَغْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ، كَذَا فِي الْكَافِي.

إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا بَلَغَ مَبْلَغًا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِحْبَالُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ ضَرُورَةُ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ) فَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرْكَبَ الرَّجُلَ دُيُونٌ تَسْتَغْرِقُ أَمْوَالَهُ أَوْ تَزِيدُ عَلَى أَمْوَالِهِ فَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَهَبَ مَالَهُ وَلَا يَتَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُقِرَّ بِهِ لِغَرِيمٍ آخَرَ فَالْقَاضِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَيَعْمَلُ حَجْرُهُ حَتَّى لَا تَصِحَّ هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْمَلُ حَجْرُهُ حَتَّى تَصِحَّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَحْجُورُ امْرَأَةً صَحَّ نِكَاحُهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمِقْدَارُ مَهْرِ الْمِثْلِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ يُحَاصُّ الْغَرِيمَ فِي ذَلِكَ وَمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا يُبَاعُ عَلَى الْمَدْيُونِ مَالُهُ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعُرُوض وَالْعَقَارُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَكِنْ يَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ إيفَاءً لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَقَالَا يَبِيعُ مَالَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي بَيْعَ مَالِ الْمَدْيُونِ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَهَذَا فِي الْمَدْيُونِ الْحَاضِرِ عِنْدَهُمَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْمَدْيُونِ الْغَائِبِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إذَا غَابَ الزَّوْجُ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهَا فَالْقَاضِي لَا يَبِيعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْغَائِبِ شَيْئًا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ يَبِيعُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَبْدٌ وَخَافَ الْقَاضِي أَنْ تَسْتَغْرِقَ قِيمَتُهُ نَفَقَتَهُ فَالْقَاضِي يَبِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَصِحُّ هَذَا الْحَجْرُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ الْمَدْيُونُ غَائِبًا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، حَتَّى أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ بَاشَرَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ يَكُونُ صَحِيحًا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ قِيَاسُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>