وَسَلَّمَ الْعَبْدَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ أَنَا أَمَرْتُهُ بِالْبَيْعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَمْ آمُرْهُ وَلَكِنِّي أَجَزْت الْبَيْعَ حِينَ بَلَغَنِي لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَن إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ (هِشَامٌ فِي نَوَادِره) سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَتَى سُوقًا وَصَبَّ لِإِنْسَانٍ زَيْتًا أَوْ سَمْنًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَدْهَانِ أَوْ الْخَلِّ وَعَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ فَقَالَ الْجَانِي: صَبَبْتُهُ وَهُوَ نَجِسٌ قَدْ مَاتَ فِيهِ فَأْرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قُلْت لَهُ: فَإِنْ أَتَى سُوقَ الْقَصَّابِينَ وَعَمَدَ إلَى طَوَابِيقِ اللَّحْمِ فَرَمَى بِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا وَالشُّهُودُ عَايَنُوا ذَلِكَ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ؟ فَقَالَ الْجَانِي هِيَ مَيْتَةٌ قَالَ لَا أُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا ذَكِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي السُّوقِ لَحْمُ مَيْتَةٍ وَيُبَاعُ فِيهَا زَيْتٌ وَسَمْنٌ قَدْ مَاتَ فِيهِ الْفَأْرَةُ (إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) رَجُلٌ اتَّخَذَ مِنْ طِينِ رَجُلٍ لَبِنًا أَوْ جِدَارًا فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الطِّينِ وَإِنْ قَالَ رَبُّ الطِّينِ: أَنَا أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ قَالَ هُوَ لِرَبِّ الطِّينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَصَبَ جَارِيَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَا يَبْطُلُ مَا فَعَلَ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَبِوَلَدِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ قَالَ اغْتَصَبْنَا مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكُنَّا عَشْرَةٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَمَلُّكِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ]
(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَمَلُّكِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ) مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ لَحْمًا فَطَبَخَهُ أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا وَصَارَ الْمِلْكُ لَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْقِيمَةِ فَأَكْلُهُ حَلَالٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْلُهُ حَرَامٌ قَبْلَ أَنْ يَرْضَى صَاحِبُهُ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ طَعَامًا فَمَضَغَهُ حَتَّى صَارَ بِالْمَضْغِ مُسْتَهْلَكًا فَلَمَّا ابْتَلَعَهُ ابْتَلَعَ حَلَالًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الطَّيِّبِ الْمِلْكُ بِالْبَدَلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا أَدَاءُ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَقَدْ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ هُوَ بَقْلٌ فَعَلَيْهِ حِنْطَةٌ مِثْلُ حِنْطَتِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الزَّرْعِ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ نَوًى فَأَنْبَتَهُ أَوْ تَالَّةً فَغَرَسَهَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي التَّالَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّي الضَّمَانَ وَفِي الزَّرْعِ وَالنَّوَاةِ لَهُ ذَلِكَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجَوَابُ فِي الْفَصْلَيْنِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ بَيْضَةً وَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ حَتَّى أَفْرَخَتْ، فَهَذَا وَمَسْأَلَةُ الزَّرْعِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَلَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فِي نَاحِيَةٍ فَكَبُرَتْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لِلَّذِي غَرَسَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلَعَهَا وَيُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُعْطِيَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ لَكِنْ مَقْلُوعَةً كَذَا فِي الْكُبْرَى.
رَجُلٌ قَلَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ إنْسَانٍ وَأَنْبَتَهَا فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَكَبِرَتْ وَأَثْمَرَتْ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَهَا بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقَلْعِ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْغَارِسُ إلَى الرَّبِيعِ لِيَقْلَعَهَا وَيَغْرِسَهَا فِي مَكَان آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ إلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْأَرْضِ وَلَوْ اشْتَرَى صَاحِبُ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الْغَارِسِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْأُولَى يَوْمَ قَلْعِهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَاةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَذَبَحَهَا وَطَبَخَهَا أَوْ شَوَاهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَرْضَى أَنْ يُضَمِّنَهُ لَمْ يَسَعْ لِلَّذِي ذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَنْ يَأْكُلَهَا وَلَا يُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ حَتَّى يَضْمَنَ الَّذِي صَنَعَ بِهَا ذَلِكَ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا فَإِنْ ضَمَّنَهُ صَاحِبُهَا قِيمَتَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَسِعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَأَنْ يُطْعِمَ مَنْ أَحَبَّ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ أَوْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْقِيمَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ مَشْوِيٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.