للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنِّي ضَامِنٌ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

أَعَارَ فَرَسًا أَوْ سَيْفًا لِيُقَاتِلَ فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ سِلَاحًا لِيُقَاتِلَ بِهِ فَضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَانْقَطَعَ نِصْفَيْنِ أَوْ طَعَنَ بِالرُّمْحِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

اسْتَعَارَ قِدْرًا لِغَسْلِ الثِّيَابِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى سُرِقَ لَيْلًا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

صَبِيٌّ اسْتَعَارَ مِنْ صَبِيٍّ شَيْئًا كَالْقَدُّومِ وَنَحْوِهِ فَأَعْطَاهُ وَذَلِكَ الشَّيْءُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ الْأَوَّلُ مَأْذُونًا لَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا صَحَّ الدَّفْعُ وَكَانَ الْهَلَاكُ بِتَسْلِيطِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَضْمَنُ هَذَا بِالدَّفْعِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي بِالْأَخْذِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ اسْتَعَارَ فَأْسًا وَضَرَبَهُ فِي الْحَطَبِ (وسخت شَدِّدْ رهيزم وتبرد يكر كرفت وَبِمَهْرِهِ آن تبررد) وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ (اكرزدن معتار بوده إست) فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

أَعَارَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ فَلَهُ الْخِيَارُ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ فَكَذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي الْقَبْضِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا ضَمِنَ بِسَبَبِ عَمَلٍ عَمِلَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ مَحْمِلًا أَوْ فُسْطَاطًا لَهَا، وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَسَافَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ اسْتَعَارَ سَيْفًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً فَسَافَرَ بِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ

رَجُلٌ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يَسْتَعِيرُ مِنْهُ مَتَاعًا فَذَهَبَ الرَّسُولُ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي مَنْزِلِهِ وَوَجَدَ الْمَتَاعَ فِي مَنْزِلِهِ فَأَخَذَهُ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا وَضَاعَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلِصَاحِبِ الْمَتَاعِ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّسُولَ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَعِيرَ وَأَيَّهُمَا ضَمَّنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَلَوْ اسْتَعَارَ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فَطَبَخَ فِيهَا مَرَقَةً وَنَقَلَهَا مِنْ الْكَانُونِ مَعَ الْمَرَقَةِ أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْبَيْتِ فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْحَمَّالِ إذَا زَلِقَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ) . وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِ مُشَاهَرَةٍ أَوْ مُسَانَهَةٍ لَا مُيَاوَمَةٍ أَوْ مَعَ عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ أَجِيرٍ فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِنْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِنْ رَدَّهَا إلَى عَبْدِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهَا وَيَتَعَاهَدُهَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَأَرَادَ بِهِ ضَمَانَ الرَّدِّ لَا ضَمَانَ الْعَيْنِ، وَلَوْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ ضَمَانَ الْعَيْنِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَمْ يَفْصِلْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ بَيْنَ عَبْدِهِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ وَاَلَّذِي لَا يَقُومُ عَلَيْهَا وَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهَا، وَقَالَ: بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا رَدَّ إلَى عَبْدِهِ الَّذِي لَا يَقُومُ عَلَيْهَا وَجَبَ أَنْ لَا يَبْرَأَ عَنْ الضَّمَانِ، وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ قَدْ يَأْخُذُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

فَإِنْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ مَعَ غُلَامِهِ فَعَقَرَهَا الْغُلَامُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ أَوْ يُؤَدِّي عَنْهُ مَوْلَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ رَدَّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُعِيرِ أَوْ مَرْبِطِهِ فَضَاعَتْ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا، قِيلَ: هَذَا فِي عَادَتِهِمْ وَعَلَى هَذَا الْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِ الرَّدِّ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَرْبِطُ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ هُنَاكَ بِلَا حَافِظٍ، وَلَوْ رَدَّهَا إلَى أَرْضِهِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَحْفَظُهَا بِأَرْضِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَلَوْ كَانَتْ عِقْدَ جَوْهَرٍ أَوْ شَيْئًا نَفِيسًا فَرَدَّهُ إلَى عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ أَجِيرِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ إلَى بَيْتِ الْمُعِيرِ، فَقَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ: ضَعْهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ، فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>