للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَسْتَحِقُّ بِإِزَاءِ مَا عَمِلَ شَيْئًا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مُسَلَّمًا لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي دَارِهِ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَشْرُوطٌ مُقَابَلٌ بِالْخِيَاطَةِ وَمَا صَنَعَ لَيْسَ خِيَاطَةً إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْخِيَاطَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْبِزَ لَهُ دَقِيقًا مَعْلُومًا فِي دَارِهِ فَنَخَلَ الدَّقِيقَ وَعَجَنَ ثُمَّ سُرِقَ قَبْلَ أَنْ يَخْبِزَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِالْخَبْزِ وَلَمْ يُوجَدْ الْخُبْزُ إنَّمَا وُجِدَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَشَرَطَ عَلَيْهِ مَعَ حَفْرِهَا طَيِّهَا بِالْآجُرِّ وَالْجَصِّ فَفَعَلَ مِنْهَا ثُمَّ انْهَارَتْ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَإِنْ انْهَارَتْ قَبْلَ أَنْ يَطْوِيَهَا بِالْآجُرِّ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبْنِيَ لَهُ بِنَاءً فِي دَارِهِ أَوْ يَعْمَلَ لَهُ سَابَاطًا أَوْ جَنَاحًا أَوْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا أَوَقَنَاةً أَوْ نَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ فَعَمِلَ بَعْضَهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْأَجْرِ لَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَاقِي حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ أَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ أَوْ وَقَعَ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ التُّرَابُ وَسَوَّاهَا مَعَ الْأَرْضِ أَوْ سَقَطَ السَّابَاطُ فَلَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَهُ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ عَيْنُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا أَرَاهُ مَوْضِعًا مِنْ الصَّحْرَاءِ لِيَحْفِرَ فِيهِ بِئْرًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ، وَإِنْ أَرَاهُ الْمَوْضِعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدِهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ بَعْضَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَرِيبٌ مِنْ الْعَامِلِ فَخَلَّى الْأَجِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا أَقْبِضَهُ مِنْك حَتَّى تَفْرُغَ فَلَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَفِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْجَبَّانَةِ فَحَفَرَهَا فَلَا أَجْرَ لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَلَّمَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ مَوْضِعِ الْحَفْرِ قَالُوا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْمَوْضِعِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَبَّانًا لِيَضْرِبَ لَبِنًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَخِفَّ اللَّبِنَ أَوْ يَنْصِبَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَخِفَّ وَيَنْصِبَهُ وَيُشَرِّجَهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ وَلَمْ يُقِمْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوَهَلَك بَعْدَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ وَهُوَ أَنْ يُخَلِّيَ الْأَجِيرُ بَيْنَ اللَّبِنِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّ ذَلِكَ بَعْدَمَا نَصَبَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بَعْدَ مَا شَرَّجَهُ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُؤَاجِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ التَّشْرِيجِ أَوْ قَبْلَهُ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَضْرِبَ لَهُ لَبِنًا بِمِلْبَنٍ مَعْلُومٍ وَيَطْبُخَ لَهُ آجُرًّا عَلَى أَنَّ الْحَطَبَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ اللَّبِنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَسَدَ اللَّبِنُ بَعْدَ مَا أَدْخَلَهُ الْأَتُونَ وَتَكَسَّرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ وَلَوْ طَبَخَهُ حَتَّى نَضِجَ ثُمَّ كَفَّ النَّارَ عَنْهُ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهُ فِي الْإِخْرَاجِ فَإِخْرَاجُهُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَنْزِلَةِ إخْرَاجِ الْخُبْزِ عَنْ التَّنُّورِ، وَإِنْ انْكَسَرَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَتُونِ وَالْأَرْضُ فِي مِلْكِ رَبِّ اللَّبِنِ وَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ وَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَتُونُ فِي مِلْكِ اللَّبَّانِ فَلَا أَجْرَ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِهِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي الْقُدُورِيِّ الْخَيَّاطُ إذَا خَاطَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ خَاطَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَإِنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُوجَبْ الْأَجْرُ بِخِيَاطَةِ بَعْضِ الثَّوْبِ، وَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقُدُورِيُّ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْمَحَلُّ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ عِنْدَهُمَا فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ فَإِذَا هَلَكَ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخِيطًا أَوَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ]

ِ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَمَا جَازَ فِي اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ جَازَ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ وَمَا بَطَلَ هُنَاكَ بَطَلَ هَهُنَا إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوصَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَالتَّأْقِيتُ شَرْطٌ فِي اسْتِئْجَارِهَا إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

وَإِذَا شَرَطُوا عَلَيْهَا الْإِرْضَاعَ فِي مَنْزِلِهِمْ فَلَيْسَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِمْ إلَّا بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>