للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

دَبَّرَ جَارِيَةً، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً لِآخَرَ غَصَبْتُهَا مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْجَارِيَةِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ اسْتِخْدَامِهَا وَوَطْئِهَا قَضَاءً، وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَفْعَلُ إنْ كَانَ كَمَا يَقُولُ، وَإِنْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُقَرُّ لَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ قِيَاسًا، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ دَبَّرْتُهَا أَنَا وَأَنْتَ أَوْ قَالَ دَبَّرْتَهَا أَنْتَ وَأَنَا أَوْ قَالَ دَبَّرْنَاهَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ جَارِيَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَهَا أَحَدُهُمَا وَالْحُكْمُ ثَمَّةَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلشَّرِيكِ خِيَارَاتٍ خَمْسَةً إنْ شَاءَ دَبَّرَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ نَصِيبَهُ عَلَى حَالِهِ.

وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ الْمُدَبَّرَ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْجَارِيَةَ إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ مُعْسِرًا أَوْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُقِرُّ كَانَتْ الْجَارِيَةُ نِصْفُهَا مُدَبَّرَةٌ لِلْمُقِرِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفٌ تَخْدِمُ الْمُقِرَّ يَوْمًا وَتُوقَفُ يَوْمًا، فَإِنْ عَادَ الشَّرِيكُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ صَارَتْ مُدَبَّرَةً بَيْنَهُمَا وَرَدَّ عَلَى الْمُقِرِّ مَا أَخَذَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى تَصْدِيقِهِ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْجَارِيَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ فِيمَا قَالَ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمُقِرِّ.

وَأَمَّا إذَا كَذَّبَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا قَالَ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ، فَإِنْ صَدَّقَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ، فَإِنَّهَا تَسْعَى لِلْمُقِرِّ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَذَّبَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ، فَإِنَّهَا تَسْعَى لِلْمُقِرِّ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَذَلِكَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ، وَلَمْ تَسْعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا مَاتَا جَمِيعًا أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمُنْكِرُ، وَالْجَارِيَةُ صَدَّقَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَحُكْمُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُنْكِرِ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُقِرِّ وَتَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِلْمُقِرِّ، وَإِذَا وَجَبَتْ السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِلْمُقِرِّ صَارَ ذَلِكَ تَرِكَةً لِلْمُقِرِّ وَازْدَادَتْ تَرِكَةُ الْمُقِرِّ، وَإِذَا زَادَتْ تَرِكَةُ الْمُقِرِّ ازْدَادَ الثُّلُثُ فَيُسَلَّمُ لَهَا ثُلُثُ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كَذَّبَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمُقِرُّ، وَالْجَارِيَةُ صَدَّقَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرُوا أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ قِيمَتِهَا.

وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كَذَّبَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَنَقُولُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: قَبْلَ مَوْتِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ، وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرُوا أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَزِمَتْهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ الْقِيمَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُقِرِّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَوْتِ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ بَيَانُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا بَيَانُ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَتَصِيرُ كُلُّهَا مُدَبَّرَةً بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الشَّرِيكُ الْمُقِرَّ فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ ضَمِنَ الْمُقِرُّ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا أَوْ يَكُونُ نِصْفُهَا مُدَبَّرًا لِلْمُقِرِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَعُودَ الشَّرِيكُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ، فَإِنْ عَادَ صَارَتْ مُدَبَّرَةً بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الشَّرِيكُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى مَاتَ الْمُقِرُّ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمُقِرِّ وَلَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ لِلْحَالِ صَدَّقَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَتْهُ.

وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِهِمَا عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ) لَوْ قَالَ الرَّجُلُ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ الْبَائِعُ بَلَى قَدْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْتَظِمُ بِفِعْلِهِمَا جَمِيعًا، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>