للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَلِيفُ مَنْ وَالَى قَوْمًا وَيَقُولُ لَهُمْ أَنَا أَسْلَمُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُونَ لَهُ عَلَى الْمُوَالَاةِ، وَالْعَدِيدُ مَنْ يَصِيرُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَلِفٍ، وَإِنْ أَعْطَى الْكُلَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُعْطِيهِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَيْسَ بِأَبِي قَبِيلَةٍ وَلَا فَخِذٍ فَالثُّلُثُ لِبَنِيهِ لِصُلْبِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَوْلَى وَالْحَلِيفُ فِي الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِأَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله - فَذَكَرَ أَنَّ نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى كَانَ يَقُولُ: الْوَصِيَّةُ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِمَا. وَأَمَّا الْعُمَرِيَّةُ فَهَلْ يَدْخُلُونَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: يَنْظُرُ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَيَتَّصِلُ بِهِمَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا وَلَا يَتَّصِلُ بِهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ.

وَإِذَا أَوْصَى لِلْعَلَوِيَّةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاسْمِ مَا يُنَبِّئُ عَنْ الْفَقْرِ أَوْ الْحَاجَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ يَجُوزُ.

وَعَلَى هَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَهَاءِ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ.

وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا أَوْصَى لِطَلَبَةِ عِلْمٍ كُورَةِ كَذَا لِطَلَبَةِ عِلْمِ كَذَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ وَاحِدًا مِنْ فُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَصَاعِدًا.

وَإِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْفُقَهَاءِ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ: الْفَقِيهُ عِنْدَنَا مَنْ بَلَغَ فِي الْفِقْهِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَلَيْسَ الْمُتَفَقِّهُ بِفَقِيهٍ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ نَصِيبٌ.

وَإِذَا أَوْصَى لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلْدَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ. وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصًّا فِي الْكُتُبِ. وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّ كُتُبَ الْكَلَامِ لَيْسَتْ كُتُبَ الْعِلْمِ يَعْنِي فِي الْعُرْفِ وَلَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْكُتُبِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُتَكَلِّمُونَ.

وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ فِي كُورَةِ كَذَا لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَا تُفِيدُ شَيْئًا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَاسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَتَنَاوَلُ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَيَسْمَعُهَا وَيَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى لِفُلَانٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ قَالَ: كُلُّ الثُّلُثِ يَكُونُ لِفُلَانٍ، وَلَا شَيْءَ لِبَنِي تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ وَلِلْمَوَالِي إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ بَاطِلَةٌ.

وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ لَا غَيْرُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِعَشَرَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا يَكُونُ لِفُلَانٍ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ وَالثَّمَرَةِ وَغَلَّةِ الْعَبِيدِ وَغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَغَلَّةِ الْأَرْضِ وَظَهْرِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِخِدْمَةِ الرَّقِيقِ وَسُكْنَى الدُّورِ وَبِغَلَّةِ الرَّقِيقِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْبَسَاتِينِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمِهِمْ اللَّهُ تَعَالَى.

وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِخِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ مَثَلًا سَنَةَ سَبْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: سَنَةَ كَذَا. وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فِي سَنَةٍ بِعَيْنِهَا إنْ مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>