للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا بَعْضُهَا بِأَنْ مَضَتْ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَقِيَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ تِلْكَ السَّنَةُ يَنْظُرُ إلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ.

ثُمَّ إنْ بَقِيَ نِصْفُ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُهُ نِصْفَ السَّنَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ سَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ عَيْنُهَا فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ السَّنَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ وَقَدْ أَجَازُوا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ سَنَةً كَامِلَةً، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِذَا مَضَى ثَلَاثَ سِنِينَ تَمَّتْ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ السَّنَةَ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْمَوْتُ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَهُوَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً، أَمَّا إنْ عَيَّنَ السَّنَةَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّنَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً يَثْبُتُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي.

وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ الدَّارِ أَوْ الْعَبْدِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ بِنَفْسِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يَسْكُنُ ثُلُثَهَا مِنْهَا وَتَسْكُنُ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَيْنِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ثُلُثَيْ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا عِنْدَنَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَبْدَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَيُخْرِجُهُ إلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ هُنَاكَ إذَا كَانَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ مُهَايَأَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعَارَ بَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُسْقَى عَنْهُ الْمَاءُ شَهْرًا فِي الْمَوْسِمِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

رَجُلٌ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا التِّبْنِ لِدَوَابِّ فُلَانٍ - كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ: يُعْلَفُ بِهِ دَوَابُّ فُلَانٍ - كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

فِي الْمُنْتَقَى بِرِوَايَةِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ وَلَمْ يُوَقِّتْ كَانَ ذَلِكَ مَا عَاشَ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ هَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا وَهُوَ يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَهُ غَلَّتُهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.

وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ لِعَبْدِ رَجُلٍ جَازَ وَيَسْتَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَ وَلَا يَخْدُمُ مَوْلَاهُ وَيَسْكُنُ الْعَبْدُ الدَّارَ وَلَا يَسْكُنُهَا مَوْلَاهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ بِيعَ أَوْ أُعْتِقَ تَتْبَعُهُ الْوَصِيَّةُ.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ عَبْدُهُ فُلَانًا حَتَّى اسْتَغْنَى فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَغِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُصِيبَ ثَمَنَ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا غَنِيًّا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَلَهُ الْغَلَّةُ الْقَائِمَةُ وَغَلَّتُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ قَالَ: أَبَدًا، أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَيْضًا فَإِنْ كَانَ فِي بُسْتَانِهِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ كَانَتْ لَهُ تِلْكَ الثِّمَارُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>