للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُتِلَ مُرْتَدًّا قَالَ: لَا تُعْتَقُ، وَلَيْسَ أَدَاؤُهَا إلَى الْمُرْتَدِّ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَحْدَهُ، وَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مِنْهَا أَيْضًا ثُمَّ يَسْتَسْعُونَهَا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَإِنْ عَجَزَتْ رُدَّتْ فِي الرِّقِّ بِمَنْزِلَةِ مُكَاتَبَةٍ أَدَّتْ نِصْفَ الْبَدَلِ إلَى الْمَوْلَيَيْنِ ثُمَّ عَجَزَتْ.

وَإِنْ كَاتَبَهَا فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ لِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَلَوْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَأَدَّتْ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ لَمْ تُعْتَقْ، وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الشَّرِيكِ الْبَاقِي وَإِلَى وَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ عَتَقَتْ إذَا كَانَ قَدْ قَضَى بِلِحَاقِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ فَدُفِعَتْ الْكِتَابَةُ إلَى الشَّرِيكِ الْحَيِّ، وَإِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ عَجَزَتْ بَعْدَمَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَرَدَّاهَا فِي الرِّقِّ ثُمَّ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ فَهِيَ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا، وَإِذَا ارْتَدَّ الشَّرِيكَانِ مَعًا ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَرَدَّاهَا فِي الرِّقِّ، فَإِنْ أَسْلَمَا فَهِيَ أَمَةٌ قِنَّةٌ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ قُتِلَا عَلَى الرِّدَّةِ فَهِيَ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَلَدَتْ ابْنَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْمَوْلَيَيْنِ وَطِئَ الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ، وَوَطِئَ الْآخَرُ الْأُمَّ، فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَقَالَتَا نَحْنُ نَعْجَزُ فَذَلِكَ لَهُمَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ لِلْأُمِّ أَنْ تُعْجِزَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَقَّاهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ فِي شَيْءٍ فَإِذَا اخْتَارَتْ الْأُمُّ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُقْرَهَا مِنْ الْوَاطِئِ وَعُقْرُ الِابْنَةِ يَكُونُ لِلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْكَسْبِ، وَإِنْ عَجَزَتْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي وَطِئَهَا، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ، وَلَا يُرَدَّ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ وَمَوْلَاهُ الَّذِي كَاتَبَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْكِتَابَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ]

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ وَمَوْتِ الْمَوْلَى وَجِنَايَتِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَجِنَايَةِ الْمَوْلَى أَوْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْبِضُهُ أَوْ مَالٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَجِّلْ بِتَعْجِيزِهِ وَانْتَظَرَ عَلَيْهِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ طَلَبَ الْمَوْلَى تَعْجِيزَهُ عَجَزَ، وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

فَإِنْ أَخَلَّ الْمُكَاتَبُ بِنَجْمٍ فَرَدَّهُ مَوْلَاهُ عِنْدَ غَيْرِ سُلْطَانٍ بِرِضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَبْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْإِقَالَةِ وَكَذَا تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْكِتَابَةَ أَوْ كَسَرْتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فَاسِدَةً أَوْ صَحِيحَةً وَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْعَبْدِ وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ؟ أَمَّا بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ فَيُؤَدِّي إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَسْبٌ فَيَكْسِبُ فَيُؤَدِّي فَيَعْتِقُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ رُدَّ إلَى الرِّقِّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى فَأَدَّى الْمُكَاتَبُ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ بَقِيَّةً مِنْهَا إلَى وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ، فَالْوَلَاءُ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْوَرَثَةُ كِتَابَةً أُخْرَى فَأَدَّى إلَيْهِمْ وَعَتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، أَمَّا بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَيُنْظَرُ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لَا تَنْفَسِخُ عِنْدَنَا، وَإِنْ مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِرِدَّةِ الْمَوْلَى بِأَنْ كَاتَبَ مُسْلِمٌ عَبْدَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى حَقِيقَةً فَبِمَوْتِهِ حُكْمًا أَوْلَى أَنْ لَا تَنْفَسِخَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ، وَلَا عَنْ وَلَدٍ فَاخْتَلَفُوا فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْإِسْكَافُ تَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ إنْسَانٌ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَقْضِ بِعَجْزِهِ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ جَازَ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِين.

وَإِنْ مَاتَ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ حُرَّةٍ وَتَرَكَ دَيْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِمُكَاتَبَتِهِ فَجَنَى الْوَلَدُ فَقَضَى بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ اخْتَصَمَ مَوَالِي الْأُمِّ وَمَوَالِي الْأَبِ فِي وَلَائِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالْعَجْزِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ وَصَايَا مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا وَوُلِدَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>