للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُغَيِّرُ عَنْ حَالِهَا إلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، وَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَلَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهَا إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى صُرِفَ ذَلِكَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِسَمَرْقَنْدَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا مَنْ يُصْرَفُ ذَلِكَ إلَيْهِمْ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ صُرِفَ حِينَئِذٍ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَبَدًا وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَى يَدِ أَبِي طَاهِرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَسَنِ الْغَزَالِيِّ وَجَعَلَهُ قَائِمًا بِأُمُورِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَأَمَرَهُ فِي ذَلِكَ بِاسْتِشْعَارِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَاسْتِعْمَالِ النَّصِيحَةِ وَقَلَّدَهُ تَسْوِيَةَ أُمُورِهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُبَدِّلَ وَقَدْ قَبَضَهُ قَبْضًا صَحِيحًا فَارِغًا مِنْ مَوَانِعِ صِحَّةِ الْقَبْضِ، فَإِنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ أَوْ وَجَبَ إقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ لِمَعْنًى يُوجِبُ ذَلِكَ فَالِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْفَقِيهِ الَّذِي يُدَرِّسُ فِيهَا بِمَشُورَةِ طَائِفَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ أَمْرُ الْفَتْوَى بِسَمَرْقَنْدَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَخْتَارُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُدَرِّسٌ فَالْأَمْرُ مُفَوَّضٌ إلَى الْحَاكِمِ بِسَمَرْقَنْدَ وَلَا يَحِلُّ لِلسُّلْطَانِ إلَى آخِرِهِ شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى آخِرِهِ.

[الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ]

(نَوْعٌ آخَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ) إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ يُرِيدُ بِهِ وَلَدَهُ لِصُلْبِهِ وَلَا يُشَارِكُ الْبَطْنُ الثَّانِي الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، وَيُرِيدُ بِالْبَطْنِ الثَّانِي وَلَدَ الِابْنِ فَمَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَالْغَلَّةُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّانِي وَهُوَ وَلَدُ الِابْنِ فَالْغَلَّةُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَجُعِلَ الْحَالُ فِي حَقِّ مَا بَيْنَ الْبَطْنِ الثَّانِي وَمَنْ دُونَهُ كَالْحَالِ فِي حَقِّ مَا بَيْنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَإِنْ عُدِمَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ اشْتَرَكَ الثَّالِثُ وَمَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَإِنْ كَثُرَتْ.

(الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَصَّ بِهِ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يُرِيدُ بِالْبَطْنِ الثَّانِي وَلَدَ الِابْنِ وَلَا يُشَارِكُهُمَا الْبَطْنُ الثَّالِثُ.

(الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ قِيَاسٌ عَلَى أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ الْبُطُونُ الثَّلَاثَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ اشْتَرَكَتْ الْبُطُونُ كُلُّهَا، وَإِنْ سَفَلُوا.

(الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي) وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ الِابْنِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ صَرْفُ الْغَلَّةِ إلَى وَلَدِ الِابْنِ، فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ الصُّلْبِ صُرِفَ الْغَلَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ إلَى الْوَلَدِ لِصُلْبِهِ.

(الْخَامِسُ إذَا قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْوَقْفِ كُلُّ وَلَدٍ كَانَ لَهُ يَوْمَ هَذَا الْوَقْفِ وَكُلُّ وَلَدٍ يَحْدُثُ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْفِ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ سَقَطَ حِصَّتُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى وَالْبَطْنُ الْأَسْفَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى، ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِمْ، فَإِذَا قَالَ هَكَذَا فَمَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى لَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ كَتَبْتهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي الْكِتَابِ وَوَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا بَعْدَ وَفَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>