للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوَاحِي فِي الْكُوفَةِ فَأَخْرَجَهَا إلَى الْفُرَاتِ يَسْقِيهَا وَالنَّاحِيَةُ الَّتِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضًا لَهُ وَعَيَّنَ الْأَرْضَ فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكِرَابِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً، وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ الثَّوْرَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرُبْ حَتَّى عَطِبَ ضَمِنَ أَيْضًا، كَذَا فِي الصُّغْرَى.

اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانِ كَذَا ذَاهِبًا لَا غَيْرُ فَجَاوَزَ بِهَا عَنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَهُوَ فِي الضَّمَانِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ اسْتَعَارَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ كَالْمُودَعِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا، كَذَا مَنًّا مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى الْبَلَدِ وَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْبَلَدِ وَفِي الْعَوْدِ أَيْضًا إلَى مَنْزِلِ الْمُعِيرِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ مَعَهُ آخَرَ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْجَنِينِ وَلَكِنْ إنْ انْتَقَصَتْ الْأُمُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ النُّقْصَانِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرَسُ بِحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ يَرْكَبَهُ اثْنَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ إتْلَافٌ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ النُّقْصَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَتْ مُلَاءَةً لِلْمُصِيبَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ فَتَخَرَّقَتْ تَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

(بيلي عاربت خواست كه درباغ كاركند مُعِير مُسْتَعِير راكفت كه درباغ مكذا رويا خودبيار) فَتَرَكَهُ ثَمَّةَ وَسُرِقَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

اسْتَعَارَ مَرًّا لِيَدُقَّ مَبْطَخَةً فَدَقَّهَا وَفَرَغَ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَضَاعَتْ يُضَمِّنُ الْمَالِكُ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ تَضْيِيع الْعَارِيَّةِ وَمَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ]

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَضْيِيعِ الْعَارِيَّةِ وَمَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَمَا لَا يَضْمَنُ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَنَزَلَ عَنْهَا فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ فَخَلَّى عَنْهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَمِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا بِشَيْءٍ فَلَا ضَمَانَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ أَدْخَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْحِمْلَ فِي بَيْتِهِ وَتَرَكَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي السِّكَّةِ فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبَيْتَ وَالدَّابَّةُ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

لَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَنَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ لَا يُغَيِّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ جِنَازَةً إلَى مَوْضِعِ، كَذَا فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْمَقْبَرَةِ دَفَعَهَا إلَى إنْسَانٍ وَدَخَلَ لِيُصَلِّيَ فَسُرِقَتْ الدَّابَّةُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصَارَ الْحِفْظُ بِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْتَثْنًى عَنْ الْعَقْدِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

جَعَلَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي الْمَرْبِطِ وَجَعَلَ تَحْتَ الْبَابِ خَشَبَةً حَتَّى لَا تَخْرُجَ فَسُرِقَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

رَجُلٌ اسْتَعَارَ ثَوْرًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ ثَوْرًا يَوْمًا ثُمَّ جَاءَ لِيَسْتَعِيرَ ثَوْرًا وَكَانَ الرَّجُلُ غَائِبًا فَاسْتَعَارَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى أَرْضِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا عَارِيَّةً، فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: أُعْطِيكَ غَدًا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ الثَّوْرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ الثَّوْرُ فِي يَدِهِ، ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ بَقَرًا وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمَسْرَحِ لِلرَّعْيِ فَضَاعَ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَرْضَى بِكَوْنِ الْبَقَرِ فِي الْمَسْرَحِ وَحْدَهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ضَمِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ خُلَاصَةِ الْمُفْتِي اسْتَعَارَ دَابَّةً وَاسْتَعْمَلَهَا إلَى الظُّهْرِ ثُمَّ تَرَكَهَا فِي الْجَبَّانَةِ فَأَكَلَهَا الذِّئْبُ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَبَّانَةُ مَسْرَحَ هَذَا الْبَقَرِ لِلْمُعِيرِ وَكَانَ الْمُعِيرُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَبِأَنْ يَرْعَى فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>