للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي وَقْتَ الْحُكْمِ إلَى الْإِشَارَةِ كَمَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقِيمَةَ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ مَا يُدَّعَى قِيمَتُهُ، كَمَا فِي الرُّجُوعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارِ الْمُسْتَحَقِّ كَذَا هُنَا، وَكَانَ الْقَاضِي كَتَبَ فِي آخِرِ السِّجِلِّ الْمَذْكُورِ فِيهِ صَدَرَ مِنْ فُلَانٍ.

وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَتْبٌ: إنِّي حَكَمْتُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَوْ بِدَلِيلٍ لَاحَ عِنْدِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنَّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ كَانَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَسَى كَانَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِهِ وَهُوَ تَوَلِّي الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ قَاضِي بُخَارَى كَتَبَ فِي آخِرِ هَذَا السِّجِلِّ وَصَدَرَ مِنْهُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ، وَعَسَى كَانَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ كَتَبَ: حَكَمْتُ بِثُبُوتِ السِّجِلِّ بِشَرَائِطِهِ لَا يَكْفِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقِفُ عَلَى الشَّرَائِطِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِ الْقَاضِي شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَكَذَا هُنَا.

[مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِيصَاءِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

(مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِيصَاءِ بِثُلُثِ الْمَالِ) وَكَانَ الْمُوصِي امْرَأَةً وَهِيَ بِنْتُ الْأُسْتَاذِ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيِّ السَّمَرْقَنْدِيِّ الْمَعْرُوفِ بِأُسْتَاذِ مَيَّارَةَ قَدْ كَانَتْ أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ الْحِنْطَةَ وَتُفَرَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِقَضَاءِ صَلَوَاتِهَا الْفَائِتَةِ وَيَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ شَاةً فَيُضَحِّيَ بِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَيَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ الرَّغَائِفَ وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَبِيصُ وَالْكِيزَانُ وَالْكَرِيبُ عَلَى حَسَبِ مَا اعْتَادَ النَّاسُ فِي أَيَّامِ عَاشُورَاءَ، وَقَدْ كَانَتْ أَوْصَتْ إلَى أُخْتِهَا وَأَمَرَتْهَا بِتَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَكَانُوا كَتَبُوا فِي الْمَحْضَرِ بَيَانَ الْإِيصَاءِ، وَقَالُوا فِي آخِرِهِ: وَفِي يَدِ زَوْجِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا جُلُّ سَرْجٍ كَانَ طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ وَنِصْفٌ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْجُلِّ مَجْلِسَ الدَّعْوَى لِتَتَمَكَّنَ هِيَ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ: إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إحْضَارِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ نِصْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ، وَكَانَ هَذَا مُوجِبًا لِلْخَلَلِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمَذْكُورَ هِيَ الْقِيمَةُ لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ هَذَا قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُلَّ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الزَّوْجِ ظَاهِرًا إذَا لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ.

وَعَسَى كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَلَا يَصِحُّ مُطَالَبَتُهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فِي الْحَالِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ كَانَتْ دِينَارًا وَنِصْفًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إحْضَارُ هَذَا الْجُلِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُوصَى إلَيْهَا حَتَّى تَبِيعَهُ وَتَأْخُذَ مِنْهُ الثُّلُثَ إنْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا كَوْنَ الْجُلِّ هَذَا فِي يَدِهِ مِلْكًا لِلْمُوصِيَةِ هَذِهِ حَتَّى تَتَمَكَّنَ الْمُدَّعِيَةُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ فِي طَلَبِ إحْضَارِ الْجُلِّ هَذَا حَتَّى تَتَمَكَّنَ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ إلَّا بِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْبَيْعُ إنْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُنْكِرًا. .

(سِجِلٌّ فِي إثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ) وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ فُلَانًا وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ وَقَبَضَهَا لَهُ مِنْهُمْ تَوْكِيلًا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ مُتَحَقَّقٍ كَائِنٍ قَبْلَ هَذَا التَّوْكِيلِ، وَهُوَ هَذَا الْوَقْفُ وَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (اكر فُلَان وَقَفَ كرده است أَيْنَ فُلَان مَوْضِع رابربرا درو خواهر خويش فُلَان وفلانه)

<<  <  ج: ص:  >  >>