للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلِيفَتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَفِي النَّوَازِلِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرَ ثَمَّةَ: رَجُلٌ خَاصَمَ السُّلْطَانَ إلَى الْقَاضِي فَجَلَسَ السُّلْطَانُ مَعَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ، وَالْخَصْمُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ وَيُجْلِسَ خَصْمَ السُّلْطَانِ فِيهِ وَيَقْعُدَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ يَهُودِيًّا ادَّعَى عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ دَعْوَى فِي زَمَنِ أَبِي يُوسُفَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَمِعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خُصُومَتَهُ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَلَّدَ شُرَيْحًا وَخَاصَمَ عِنْدَهُ فِي حَادِثَةٍ قَالَ الْخَصَّافُ لَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى لِلْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ بِقَضِيَّةٍ، أَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِقَضِيَّةٍ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى لِوَلَدِ الْإِمَامِ، أَوْ وَالِدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، وَكَذَلِكَ قَاضِي الْقُضَاةِ لَوْ خَاصَمَ إلَى قَاضٍ وَلَّاهُ فَقَضَى لَهُ، أَوْ عَلَيْهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ وَلَّى الْقَاضِيَ عَلَى مِثْلِ خُرَاسَانَ فَأَمَرَ أَنْ يُوَلِّيَ قُضَاةً عَلَى الْكُوَرِ فَفَعَلَ، ثُمَّ خَاصَمَ الْقَاضِي الْأَعْلَى بَعْضَ مَنْ وَلَّاهُ فَقَضَاؤُهُ جَائِزٌ لَهُ وَعَلَيْهِ.

وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَاضٍ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةُ جِوَارٍ قِبَلَ رَجُلٍ فَلَمْ يُعْطِهَا إيَّاهُ وَجَحَدَ، وَالْوَالِي الَّذِي فِي بَلَدِهِ لَيْسَ مِمَّنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ كَيْفَ يَصْنَعُ.؟

قَالَ: يَنْبَغِي، لِلْوَالِي أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: اخْتَارَا رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا قُلْت: فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ ذَلِكَ أَيُجْبَرُ عَلَيْهِ.؟

قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ أَشَارَ إلَى التَّحْكِيمِ وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّ خَلِيفَةَ الْقَاضِي يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ مِنْ الْقَاضِي عُرِفَ بِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ فَإِنَّهُ حَكَّمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَكَّمَ شُرَيْحًا فِي خُصُومَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَاضِي الْبَلْدَةِ إذَا مَاتَ - وَوَالِيهَا مِمَّنْ لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ - أَيُجْبَرُ الْخُصُومُ عَلَى رَجُلٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ.؟

قَالَ: أَمَّا كُلُّ شَيْءٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ إلَى آخَرَ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا خَاصَمَ ابْنُ الْقَاضِي غَيْرَهُ إلَيْهِ، أَوْ خَاصَمَ غَيْرُهُ ابْنَهُ إلَيْهِ يَنْظُرُ فِيهِ فَإِنْ تَوَجَّهَ الْقَضَاءُ عَلَى ابْنِهِ يَقْضِي عَلَى ابْنِهِ، وَإِنْ تَوَجَّهَ لِابْنِهِ يَتْرُكُهُمَا وَيَقُولُ لَهُمَا: اخْتَصِمَا إلَى غَيْرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِلْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ وَكَذَلِكَ قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَسْفَلِ لِلْقَاضِي الْأَعْلَى وَلِلْقَاضِي الْأَسْفَلِ.

وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِأُمِّ امْرَأَتِهِ بَعْدَمَا مَاتَتْ امْرَأَتُهُ وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ حَيَّةً، وَكَذَا لَوْ قَضَى لِامْرَأَةِ أَبِيهِ بَعْدَمَا مَاتَ الْأَبُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْقِصَاصِ، وَالتَّعْزِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي جُلُوسِ الْقَاضِي وَمَكَانِ جُلُوسِهِ]

ِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ.

الْحَاكِمُ يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ جُلُوسًا ظَاهِرًا فِي الْمَسْجِدِ كَيْ لَا يَشْتَبِهَ مَكَانُهُ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَبَعْضِ الْمُقِيمِينَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>