للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمَّنَ الْمُعِيرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِفِعْلٍ بَاشَرَهُ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا قَالَ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَكَ وَهَلَكَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: غَصَبْتَهَا مِنِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ: أَعَرْتَنِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَرْتُكَهَا وَقَدْ رَكِبَهَا وَهَلَكَتْ مِنْ رُكُوبِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَى الْعَارِيَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُسْتَعِيرُ وَادَّعَى أَنَّ الْمُعِيرَ أَذِنَ لَهُ وَجَحَدَ الْمُعِيرُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِذْنِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَعِيرُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ: قَدْ هَلَكَتْ مِنِّي الْعَارِيَّةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْأَرْضَ لِأَبْنِيَهَا أَوْ أَغْرِسَ فِيهَا مَا بَدَا مِنْ النَّخْلِ أَوْ الشَّجَرِ فَغَرَسْتُهَا هَذَا النَّخِيلَ وَبَنَيْتُهَا هَذَا الْبِنَاءَ، وَقَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُكَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ وَفِيهَا هَذَا الْبِنَاءُ وَالْأَغْرَاسُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَقَالَ: إنِّي اسْتَعَرْتُ الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَكَ مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْكَ فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُكَذِّبْ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِقَبْضِ الْعَارِيَّةِ مِنْهُ خَادِمُ الْمُعِيرِ وَأَنْكَرَ مَوْلَاهُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلَانِ يَسْكُنَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ فِي زَاوِيَةٍ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا فَطَلَبَ الْمُعِيرُ بِالرَّدِّ، فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: وَضَعْتُهُ فِي الطَّاقِ الَّذِي فِي زَاوِيَتِكَ وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ فِي أَيْدِيهِمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ وَالْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ: نَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ حَاكِيًا عَنْ أُسْتَاذِهِ: إنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَنْتَ أَحَقُّ بِالْمَنَافِعِ فَإِنْ شِئْتَ فَأَنْفِقْ لِيَحْصُلَ لَكَ الْمَنْفَعَةُ وَإِنْ شِئْتُ فَخَلِّ يَدَكَ عَنْهُ، أَمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْإِنْفَاقِ فَلَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

عَلَفُ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ، أَمَّا كِسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

قَالَ لِآخَرَ: خُذْ عَبْدِي وَاسْتَعْمِلْهُ وَاسْتَخْدِمْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَنَفَقَةُ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَصَحَّ التَّكْفِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ، وَلَوْ تَوَكَّلَ بِالرَّدِّ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى النَّقْلِ إلَى مَنْزِلِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَيْثُ يَجِدُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

رَجُلٌ دَخَلَ كَرْمَ صَدِيقٍ لَهُ وَتَنَاوَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ: إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَرْمِ لَوْ عَلِمَ لَا يُبَالِي بِهَذَا أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِلزِّرَاعَةِ يَكْتُبُ الْمُسْتَعِيرُ: إنَّكَ أَطْعَمْتَنِي أَرْضَكَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَكْتُبُ: إنَّكَ أَعَرْتَنِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي الثَّوْبِ وَالدَّارِ يَكْتُبُ: قَدْ أَعَرْتَنِي إجْمَاعًا وَلَا يَكْتُبُ أَلْبَسْتَنِي وَأَسْكَنْتَنِي، هَكَذَا فِي الْكَافِي.

وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَذِنَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ قُصُورًا فَبَنَوْا ثُمَّ أَرَادَ الْآذِنُ أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ قَصْرٍ مِنْهَا كَانَ لَهُمْ مَنْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِرَفْعِ قُصُورِهِمْ، إذْ الْعَارِيَّةُ لَا تَكُونُ لَازِمَةً، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْأَبَ يُعِيرُ وَلَدَهُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَالَ وَلَدِهِ؟ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَهُ ذَلِكَ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا أَعَارَ مَالَهُ صَحَّتْ الْإِعَارَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>