للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتُخَلِّصَ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ مِنْ التُّرَابِ وَلَمْ يُشِرْ إلَى التُّرَابِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ قَمِيصًا بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يُعِنْ الْكِرْبَاسَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا دَفَعَ لِجَامًا أَوْ جُزُرٌ إلَى رَجُلٍ لِيُمَوِّهَهُ بِفِضَّةٍ وَزْنًا مَعْلُومًا يَكُونُ قَرْضًا عَلَى الدَّافِعِ وَيُعْطِيه أَجْرًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَالْقَرْضُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا صُنِعَ مِنْ الْفِضَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ اللِّجَامِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ قَالَ مَوِّهْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك عَنْهَا وَأَجْرُ عَمَلِك ذَهَبًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ فَاسِدٌ وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي اسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ]

اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ وَهَشَّمَهُ إنْسَانٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ أَنَا آخُذُ الْقَلْبَ وَأَتْبَعُ الْمُفْسِدَ بِضَمَانِ الْقَلْبِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الدِّينَارَ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَحْرَقَ الْقَلْبَ فِي الْمَجْلِسِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ وَإِتْبَاعَ الْمُحْرِقِ بِقِيمَةِ الْقَلْبِ مِنْ الذَّهَبِ فَإِنْ قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عَلَى الدِّينَارِ إنْ كَانَ فِيهِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْقِيمَةَ بَطَلَ الصَّرْفُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدِّينَارِ وَإِتْبَاعُ الْمُحْرِقِ بِقِيمَةِ الْقَلْبِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ بِافْتِرَاقِهِمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي تَضْمِينَ الْمُحْرِقِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْهُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى فِيهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ السَّيْفَ حَتَّى أَفْسَدَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ حَمَائِلِهِ أَوْ جَفْنِهِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ السَّيْفِ وَتَضْمِينَ الْمُفْسِدِ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَبَضَ السَّيْفَ ثُمَّ فَارَقَ الْبَائِعَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْمُفْسِدِ ضَمَانَ مَا أَفْسَدَهُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ السَّيْفَ وَفَارَقَ الْبَائِعَ فَالْعَقْدُ يَفْسُدُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَذَا إذَا أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْهُ.

وَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ الْكُلَّ بِأَنْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إتْبَاعَ الْمُحْرِقِ أَنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْكُلِّ أَوْ قِيمَةَ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْبَائِعَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ حَتَّى فَارَقَ الْبَائِعَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى فِيهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فِضَّةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَحْرَقَ رَجُلٌ بَكْرَةً مِنْ حِلْيَتِهِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَتَضْمِينَ الْمُحْرِقِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ السَّيْفَ ثُمَّ فَارَقَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ قِيمَةَ الْبَكْرَةِ فَالْبَيْعُ يُنْتَقَضُ فِي الْبَكْرَةِ خَاصَّةً دُونَ السَّيْفِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْبَكْرَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>