للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا بِأَنْ سَكَتَ حَالَةَ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَأَبَى فَرَدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ الْجُحُودُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا بِأَنْ سَكَتَ حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ بَاعَهَا وَبِهَا هَذَا الْعَيْبُ لَمْ تَكُنْ لَهُ مُخَاصَمَةُ بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِهَا يَوْمَ بَاعَهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ مُخَاصَمَةُ بَائِعِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةٌ قِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِالْقَبْضِ.

إذَا بَاعَ دَارًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا، وَفِيهَا هَذَا الْعَيْبُ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ يُخَافُ مِنْهُ أَوْ كَسْرٍ فِي جِذْعٍ أَوْ فِي بَابٍ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَأَقَرَّ بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فِي نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ وَالْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ يُقِرُّ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ أَقْطَعَ الْيَدِ فَجَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ أُقْطَعُ الْيَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِهَا إنْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ أَوْ أَنْكَرَ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْبَائِعُ سَبَبًا مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ، وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي الْخُصُومَةِ فِي الْعَيْبِ حَضْرَةُ الْعَبْدِ وَغَيْبَتُهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِوُجُودِ الْعَيْبِ بِهِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ يَا سَارِقَةُ أَوْ يَا آبِقَةُ أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا مَجْنُونَةُ، ثُمَّ بَاعَهَا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا هَذِهِ الْعُيُوبَ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ عِنْدَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ هَذِهِ الْخَبِيثَةُ أَوْ هَذِهِ السَّارِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْمَجْنُونَةُ فَعَلَتْ كَذَا وَكَذَا، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ وَسَكَتَ كَانَ إقْرَارًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ أَوْ هَذِهِ الزَّانِيَةُ أَوْ هَذِهِ الْآبِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْمَجْنُونَةُ، وَلَمْ يُقِرَّ بِالْفِعْلِ، أَوْ هَذِهِ سَارِقَةٌ أَوْ هَذِهِ آبِقَةٌ أَوْ هَذِهِ زَانِيَةٌ أَوْ هَذِهِ مَجْنُونَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا طَالِقُ أَوْ لِأَمَتِهِ يَا حُرَّةُ أَوْ قَالَ هَذِهِ الطَّالِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْحُرَّةُ فَعَلَتْ كَذَا يَكُونُ إيقَاعًا وَإِقْرَارًا، وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالْفِعْلِ أَوْ عَلَى وَجْهِ النِّدَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

[الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي إقْرَارِ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ]

إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِدَيْنٍ فِي الْمُضَارَبَةِ جَائِزٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ وَلَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِالدَّيْنِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِدَيْنٍ وَجَبَ بِسَبَبِ تِجَارَةٍ دَخَلَتْ تَحْتَ شَرِكَتِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ وَيَلْزَمُهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلًا لَا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَأَقَرَّ فِيهِ بِدَيْنٍ وَجَحَدَ رَبُّ الْمَالِ جَازَ إقْرَارُهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ فِيهِ بِأَجْرِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ حَانُوتٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَقَالَ هَذَا مِنْ رَأْسِ مَالِكَ فَاقْبِضْهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي الْحَاوِي.

إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فَقَالَ هَذَا الْأَلْفُ مُضَارَبَةً عِنْدَهُ لِفُلَانٍ بِالنِّصْفِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>