للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْآخَرِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ أَيْضًا.

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَمِائَةُ دِرْهَمٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ دَيْنًا فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يُصْرَفَ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَهَبَ بَعْضَ الدَّيْنِ لِمَدْيُونِهِ بَعْدَ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَ كَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَدْخَلَ الْحِنْطَةَ فِي الدَّيْنِ قَالَ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَوْصَى بِمَتَاعِ بَدَنِهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْخُفُّ وَاللِّحَافُ وَالدِّثَارُ وَالْفِرَاشُ وَفِي السِّيَرِ أَنَّ اسْمَ الْمَتَاعِ فِي الْعَادَةِ يَقَعُ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ وَيَبْسُطُهُ فَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَتَاعِ الثِّيَابُ وَالْفِرَاشُ وَالْقَمَصُ وَالْبُسُطُ وَالسُّتُرُ وَهِلَ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَوَانِي؟ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ.

وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِفَرَسٍ بِسِلَاحِهِ سُئِلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهُوَ عَلَى سِلَاحِ الْفَرَسِ أَمْ عَلَى سِلَاحِ الرَّجُلِ قَالَ: عَلَى سِلَاحِ الرَّجُلِ. قَالَ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَأَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ السِّلَاحِ سَيْفٌ وَتُرْسٌ وَرُمْحٌ وَقَوْسٌ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلِلْمُوصِي سَيْفٌ مُحَلَّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَهُ وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْحِلْيَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ تُنْزَعُ الْحِلْيَةُ مِنْ السَّيْفِ وَيُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُنْظَرُ إلَى ضَرَرِ الْحِلْيَةِ وَإِلَى قِيمَةِ السَّيْفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّيْفِ أَكْثَرَ تُخَيَّرْ الْوَرَثَةُ إنْ شَاءُوا أَعْطَوْا الْمُوصَى لَهُ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا وَصَارَ السَّيْفُ مَعَ الْحِلْيَةِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِلْيَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرْ الْمُوصَى لَهُ إنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ السَّيْفِ وَأَخَذَ السَّيْفَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِقَزٍّ وَلِلْمُوصِي جُبَّةٌ أَوْ قَبَاءٌ حَشْوُهُ مِنْ قَزٍّ لَا شَيْءَ لَهُ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَوْبِ قَزٍّ وَلِلْمُوصِي جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ وَظِهَارَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ كَانَ لِلْمُوصِي لَهُ الثَّوْبُ الْقَزُّ وَالْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُبَّةِ حَرِيرٍ وَلَهُ جُبَّةٌ ظِهَارَتُهَا حَرِيرٌ وَبِطَانَتُهَا حَرِيرٌ دَخَلَتْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الظِّهَارَةُ حَرِيرًا وَالْبِطَانَةُ غَيْرَ حَرِيرٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ حَرِيرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَلَوْ أَوْصَى بِحُلِيٍّ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحُلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ مُفَصَّصًا بِزُمُرُّدٍ أَوْ يَاقُوتٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِذَهَبٍ وَلَهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ سَدَى الثَّوْبِ مِثْلَ الْغَزْلِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ شَيْءٌ يُرَى كَانَ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الذَّهَبِ وَمَا سِوَاهُ فَمَا أَصَابَ الذَّهَبَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِحُلِيٍّ دَخَلَ تَحْتَهَا الْخَاتَمُ مِنْ الذَّهَبِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَهَا الْخَاتَمُ مِنْ الْفِضَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْخَوَاتِيمِ الَّتِي تَسْتَعْمِلُهَا النِّسَاءُ دُونَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخَوَاتِيمِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ لَا يَدْخُلُ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ فَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا فِي شَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يَدْخُلُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ حُلِيٌّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْوَصِيِّ وَمَا يَمْلِكُهُ]

لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: الدُّخُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>