فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلَ مَرَّةٍ غَلَطٌ وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحَمَقٌ أَوْ لِصٌّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْأَوْصِيَاءُ ثَلَاثَةٌ أَمِينٌ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَرَّرُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَأَمِينٌ عَاجِزٌ فَالْقَاضِي يَضُمُّ إلَيْهِ مِنْ يُعِينُهُ وَفَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ فَيَجِبُ عَزْلُهُ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ: لَا أَقْبَلُ؛ صَحَّ رَدُّهُ وَلَا يَكُونُ وَصِيًّا فَإِنْ قَالَ الْمُوصِي لِلْمُوصَى إلَيْهِ: مَا كَانَ ظَنِّيَّ بِكَ أَنْ لَا تَقْبَلَ وَصِيَّتِي، فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْتُ كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ سَكَتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَمَاتَ الْمُوصِي كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ أَوْصَى إلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَصِيَّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْت فَهُوَ جَائِزٌ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي رَجُلٍ يُوصِي إلَى رَجُلٍ فَقَبِلَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَالْوِصَايَةُ لَازِمَةٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي حَيَّاتِهِ إنْ رَدَّهُ فِي وَجْهِهِ صَحَّ الرَّدُّ وَإِنْ رَدَّهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي وَجْهِهِ بِعِلْمِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا مَتَى شَاءَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ فَسَكَتَ الْمُوصِي وَمَاتَ فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ: قَبِلْت لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمُوصَى إلَيْهِ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ فِي وَجْهِهِ: لَا أَقْبَلُ، ثُمَّ قَالَ فِي غِيبَتِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَضْرَةِ الْجَمَاعَةِ: قَدْ قَبِلْت كَانَ قَبُولُهُ جَائِزًا وَيَكُونُ وَصِيًّا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ حِينَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ أَخْرَجَهُ ثُمَّ قَالَ: أَقْبَلُ - لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ.
وَلَوْ قَالَ فِي غِيبَةِ الْمُوصِي: لَا أَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ، وَبَعَثَ بِذَلِكَ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا إلَى الْمُوصِي فَبَلَغَ الْمُوصِي ثُمَّ قَالَ: أَقْبَلُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ.
وَلَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فِي وَجْهِ الْمُوصِي فَلَمَّا غَابَ الْوَصِيُّ قَالَ الْمُوصِي: اشْهَدُوا أَنِّي أَخْرَجْته عَنْ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ رَدَّ الْوَصِيَّةَ حَالَ غِيبَةِ الْمُوصِي؛ فَرَدُّهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فَبَاعَ الْوَصِيُّ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مِنْ تِرْكَةِ الْمُوصِي جَازَ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَقَالَ الْقَابِلُ لِلسَّاكِتِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: اشْتَرِ لِلْمَيِّتِ كَفَنًا فَاشْتَرَاهُ، أَوْ قَالَ: نَعَمْ فَهُوَ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ السَّاكِتُ خَادِمًا لِلْآخَرِ غَيْرَ أَنَّهُ حُرٌّ يَعْمَلُ عِنْدَهُ فَأَمَرَهُ بِشِرَاءِ الْكَفَنِ لِلْمَيِّتِ فَاشْتَرَاهُ أَوْ قَالَ: نَعَمْ فَهُوَ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ الْكَرْخِيُّ: إذَا قَبِلَ الْوَصِيُّ أَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْوَصِيَّ إذَا الْتَزَمَ ثُمَّ حَضَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ فَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ لَمْ يُخْرِجْهُ وَإِنْ عُرِفَ عَجْزُهُ وَكَثْرَةُ اشْتِغَالِهِ يُخْرِجْهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ: إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ أَوْ كَانُوا كِبَارًا وَصِغَارًا أَوْ كَانُوا صِغَارًا كُلُّهُمْ. فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا كُلُّهُمْ أَوْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْأَصْلِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ سَتَبْطُلُ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْإِبْطَالِ فِي التَّرِكَةِ بَيْعًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَنْفَدُ تَصَرُّفُهُ وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا كُلُّهُمْ فَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ