للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتَ الْبَيْعِ " قُلْنَا: هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ الدُّهْنِ، وَالشُّهُودُ هُنَا لَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ، وَإِقْرَارُهُ كَانَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ وَإِقْرَارُ الْإِنْسَانِ مَتَى حَصَلَ بِتَصَرُّفٍ صَحِيحٍ ثَبَتَ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ الْفَسَادَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ عُرِفَ فِي مَوَاضِعَ.

وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُطَابِقُ الدَّعْوَى فَإِنَّ فِي الشَّهَادَةِ ذِكْرُ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا لَا بِقَبْضِ الْمُشْتَرَى فَإِنَّ الشُّهُودَ قَالُوا (مقر آمد أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ كه بخريدم ازين مُدَّعِي هفصد مِنْ روغن كنجد صافي باكيزه وَقَبض كردم قبض دَرَسْتُ) ، وَفِي الدَّعْوَى ذَكَرَ الْقَبْضَ مَعَ الْإِشَارَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَقَبض كردمش) .

[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ]

(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ) صُورَتُهُ ادَّعَى الْمُوصَى لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَحَالَ كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا وَأَحْضَرَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَصُّهُ فَيْرُوزَجُ وَادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ هَذَا الْخَاتَمَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ الَّتِي خَلَّفَهَا الْمَيِّتُ، وَأَنَّهُ فِي يَدِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْكَ دَفْعُ الثُّلُثِ الْمُشَاعِ مِنْ هَذَا الْخَاتَمِ إلَيَّ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ وَاسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى فَأَفْتَوْا بِفَسَادِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّهُ أَوْصَى طَائِعًا.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَوْصَى مُكْرَهًا وَالْوَصِيَّةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بَاطِلَةٌ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: طَلَبُ تَسْلِيمِ الثُّلُثِ الْمُشَاعِ مِنْ الْخَاتَمِ، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مُتَصَوَّرٌ بِتَسْلِيمِ الْكُلِّ.

[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ]

(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ) وَصُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةَ أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ بِتَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهَا الِانْقِيَادُ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَقَدْ كَانَ جَوَابُ الْمَرْأَةِ أَنَّ انْقِيَادَهَا فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَأَثْبَتَتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى سَبِيلِ دَفْعِ دَعْوَاهُ النِّكَاحَ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ أَتَى الرَّجُلُ بِدَفْعِ الدَّفْعِ وَادَّعَى أَنَّهَا مُبْطِلَةٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَأَنَّ دَعْوَاهَا الدَّفْعَ هَذِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا أَقَرَّتْ قَبْلَ دَعْوَاهَا الدَّفْعَ هَذِهِ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ مِنْهُ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ أَيْضًا وَكَانَ دَعْوَى انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ مِنْهَا فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ فِي مِثْلِهَا انْقِضَاؤُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِهَذَا الزَّوْجِ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَأَنَّهَا الْيَوْمَ امْرَأَتُهُ وَكَانَ عَلَى الْمَحْضَرِ جَوَابُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَكِبَارِهِمْ بِالصِّحَّةِ وَاتَّفَقَ مَشَايِخُ بُخَارَى عَلَى أَنَّ الْمَحْضَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَيَّنُوا لِذَلِكَ وَجْهًا، فَقَالُوا: إنَّ الزَّوْجَ ادَّعَى إقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ الْمُدَّعِي مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي وَعِنْدِي مَا ذَكَرُوا مِنْ وَجْهِ الْفَسَادِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَهَذَا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَدَّعِي النِّكَاحَ بِحُكْمِ إقْرَارِهَا بَلْ يَدَّعِي النِّكَاحَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا دَعْوَى الْإِقْرَارِ لِبَيَانِ كَوْنِهَا مُبْطِلَةً فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي آخِرِ الْجَامِعِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ هَذَا مُصَرَّحَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>