للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْكِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ مِنْ جِنْسِهِ، وَقَالَا: يُنْسَبُ إلَى أَكْثَرِهِمَا بَوْلًا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالُوا: وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْإِشْكَالُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِدْرَاكِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فَإِنْ بَلَغَ وَجَامَعَ بِذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُجَامِعْ بِذَكَرِهِ وَلَكِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ فَهُوَ رَجُلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا إذَا احْتَلَمَ كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ أَوْ كَانَ لَهُ ثَدْيٌ مُسْتَوٍ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فِي ثَدْيَيْهِ أَوْ حَاضَ أَوْ حَبِلَ أَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ إحْدَى هَذِهِ الْعَلَامَاتِ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَكَذَا إذَا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَعَالِمُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَخْرُجُ مِنْ الرَّجُلِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالَ: وَلَيْسَ الْخُنْثَى يَكُونُ مُشْكِلًا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْبَلَ أَوْ يَحِيضَ أَوْ يَخْرُجَ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ يَكُونَ لَهُ ثَدْيَانِ كَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ حَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ الثَّدْيَيْنِ كَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى]

الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ الْأَصْلُ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ وَالْأَوْثَقِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَأَنَّ لَا يُحْكَمَ بِثُبُوتِ حُكْمٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ فَإِنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ حَتَّى لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَلَا يَتَخَلَّلُ النِّسَاءَ حَتَّى لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، فَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ يُعِيدُ صَلَاتَهُ احْتِيَاطًا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَيُعِيدُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِحِذَائِهِ صَلَاتَهُمْ احْتِيَاطًا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَيَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ كَجُلُوسِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ بِقِنَاعٍ يُرِيدُ بِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعً لَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ إلَّا اسْتِحْبَابًا، هَذَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى مُرَاهِقًا غَيْرَ بَالِغٍ، أَمَّا إذَا كَانَ بَالِغًا فَإِنْ بَلَغَ بِالسِّنِّ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَةِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ لَا تُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ إذَا كَانَ الْخُنْثَى حُرًّا.

(قَالَ) : وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَأَرَادَ بِهِ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ بِهِ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى كَوْنِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَيُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ أَيْضًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَنْكَشِفَ قُدَّامَ الرِّجَالِ أَوْ قُدَّامَ النِّسَاءُ وَأَنْ يَخْلُوَ بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَأَنْ يُسَافِرَ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ. وَإِنْ أَحْرَمَ وَقَدْ رَاهَقَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا عِلْمَ لِي فِي لِبَاسِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَافِرَ الْخُنْثَى مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ الرِّجَالِ ثَلَاثَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>