للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ.

وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ حَائِلٌ فَإِذَا دَخَلَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَتَعْلِيقًا بَلْ تَنْجِيزًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(الْيَمِينُ بِاَللَّهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) غَمُوسٌ، وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ، أَوْ نَفْيِهِ فِي الْمَاضِي، أَوْ الْحَالِ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيهِ فَهَذِهِ الْيَمِينُ يَأْثَمُ فِيهَا صَاحِبُهَا، وَعَلَيْهِ فِيهَا الِاسْتِغْفَارُ، وَالتَّوْبَةُ دُونَ الْكَفَّارَةِ.

وَلَغْوٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي، أَوْ فِي الْحَالِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ:، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ بِأَنْ يَقُول: وَاَللَّهِ قَدْ فَعَلْت كَذَا، وَهُوَ مَا فَعَلَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ فَعَلَ، أَوْ: مَا فَعَلْت كَذَا، وَقَدْ فَعَلَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَا فَعَلَ، أَوْ رَأَى شَخْصًا مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ، وَظَنَّهُ زَيْدًا، وَهُوَ عَمْرٌو، أَوْ طَائِرًا فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَغُرَابٌ، وَظَنَّهُ غُرَابًا، وَهُوَ حِدَأَةٌ فَهَذِهِ الْيَمِينُ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهَا صَاحِبُهَا، وَالْيَمِينُ فِي الْمَاضِي إذَا كَانَ لَا عَنْ قَصْدٍ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ عِنْدَنَا.

وَمُنْعَقِدَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنْ يَفْعَلَهُ، أَوْ لَا يَفْعَلَهُ، وَحُكْمُهَا لُزُومُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْكَافِي.

(وَالْمُنْعَقِدَةُ فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) نَوْعٌ مِنْهَا يَجِبُ إتْمَامُ الْبِرِّ فِيهَا، وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أُمِرَ بِهِ، أَوْ امْتِنَاعٍ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَذَلِكَ فَرْضٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَبِالْيَمِينِ يَزْدَادُ وَكَادَةً، وَنَوْعٌ لَا يَجُوزُ حِفْظُهَا، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ طَاعَةٍ، أَوْ فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، وَنَوْعٌ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْبِرِّ، وَالْحِنْثِ، وَالْحِنْثُ خَيْرٌ مِنْ الْبِرِّ فَيُنْدَبُ فِيهِ إلَى الْحِنْثِ، وَنَوْعٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ فِي الْإِبَاحَةِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَحِفْظُ الْيَمِين أَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ.

وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ كَالْيَمِينِ الْمَعْقُودِ، وَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي فَلَا يَتَحَقَّقُ اللَّغْوُ، وَالْغَمُوسُ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ، أَوْ لَا يَعْلَمُ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ يُنْذَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ، وَتَنْجِيزٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ، وَكَانَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فُلَانٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا فَهُوَ سَوَاءٌ، وَكَذَا مَنْ فَعَلَهُ، وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَا يَصِحُّ يَمِينُ النَّائِمِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا تُكْرَهُ، وَلَكِنَّ تَقْلِيلَهُ أَوْلَى مِنْ تَكْثِيرِهِ، وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْوَثِيقَةُ فِي الْعُهُودِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي الْكَافِي.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَفِيهِ فَصْلَانِ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا يَنْوِي الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ]

الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا يَنْوِي الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَالرَّحْمَنِ، وَالرَّحِيمِ، وَجَمِيعِ أَسَامِي اللَّهِ تَعَالَى: فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَارَفَ النَّاسَ الْحَلِفَ بِهِ، أَوْ لَمْ يَتَعَارَفُوا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا عُرْفًا كَعِزَّةِ اللَّهِ، وَجَلَالِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ هُوَ الْعُرْفُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ.

، وَلَوْ قَالَ: وَرَبِّي، أَوْ: وَرَبِّ الْعَرْشِ، أَوْ: وَرَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ حَالِفًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَنَّهُ يَمِينٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ: بِالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: حَقًّا لَا أَفْعَلُ كَذَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: بِحَقِّ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ قَالَ: وَحَقِّ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَحُرْمَةِ اللَّهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ، وَحَقِّ اللَّهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

وَلَوْ قَالَ: وَعَظَمَةِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: وَمَلَكُوتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَنَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>