للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَانِينَ وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ]

(الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ) يَجُوزُ الِاسْتِصْنَاعُ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَتَعَارُفِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَالِاسْتِصْنَاعُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ وَالْعَمَلُ مِنْ الصَّانِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ لَا مِنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إجَارَةً وَلَا يَكُونُ اسْتِصْنَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ الِاسْتِصْنَاعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَيَسْتَصْنِعَ الْبَائِعَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَدِيمَ وَيَأْمُرَ الْبَائِعَ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ خُفًّا يَصِفُ لَهُ قَدْرَهُ وَعَمَلَهُ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِصْنَاعِهِ مِثْلُ آنِيَةِ الزُّجَاجِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ وَالْقِدْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَلَنْسُوَةِ وَأَشْبَاهِهَا إذَا بَيَّنَ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَالِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ هَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

ثُمَّ إذَا رَضِيَهُ الْمُسْتَصْنِعُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلصَّانِعِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْضَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى حَائِكٍ فِي ثَوْبٍ مِنْ قُطْنٍ يَنْسِجُهُ لَهُ وَسَمَّى طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَجِنْسَهُ وَرُقْعَتَهُ وَالْغَزْلُ مِنْ الْحَائِكِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا يَصِيرُ سَلَمًا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ سَلَمًا وَفِيمَا لَا تَعَامُلَ لِلنَّاسِ فِيهِ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقُدُورِيِّ، وَإِنْ ضَرَبَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَجَلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِسَلَمٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ وَبَيْنَ مَا لَا تَعَامُلَ لَهُمْ فِيهِ فَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ يَصِيرُ الِاسْتِصْنَاعُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَنَوَيْنِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ لِيَضُمَّ إلَيْهِ مَنَوَيْنِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَيَنْسِجَهُ وَيَرْفَعُ أَجْرَ النَّسْجِ وَالْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً مِنْ الرِّبْحِ إنْ لَمْ يَخْلِطْ وَنَسَجَ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْإِبْرَيْسَمِ، وَإِنْ خَلَطَ وَنَسَجَ الْكُلَّ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

رَجُلٌ سَلَّمَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَزْلِ رَطْلًا مِنْ عِنْدِهِ وَقَالَ أَقْرِضْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ ثَوْبًا عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِقْرَاضُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِك فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي غَزْلًا وَسَكَتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا وَيَكُونُ قَرْضًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ رَبِّ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الْحَائِكِ بَعْدَمَا فَرَغَ الْحَائِكُ مِنْ الْعَمَلِ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ لَا بَلْ زِدْتُ وَالثَّوْبُ مُسْتَهْلَكٌ بِأَنْ بَاعَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَزْنَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِكَ زَادَ فِي الْغَزْلِ وَعَلَى الْحَائِكِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الثَّوْبِ عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَيَلْزَمُ رَبَّ الثَّوْبِ ذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَمَّا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ زِدْ رَطْلًا مِنْ غَزْلِك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك ثَمَنَ الْغَزْلَ وَأَجْرُ عَمَلِك كَذَا دِرْهَمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ زِدْت فِيهِ مَا أَمَرْتنِي أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>