للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ تَضْمِينُ الْمَلَّاحِ إلَّا بِخِيَانَةٍ أَوْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي اخْتِلَاف الْآجِر وَالْمُسْتَأْجِر فِي وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْأُجْرَةِ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْأُجْرَةِ) الْمُؤَجِّرُ إذَا وَجَدَ بِالْأُجْرَةِ عَيْبًا وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ دَيْنًا بِأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فِي الذِّمَّةِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ عَيْنًا كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَقَالَ مَا أَعْطَيْتُك هَذَا إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِقَبْضِ الْجِيَادِ وَلَا بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ لَا غَيْرَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّادِّ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ وَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ بِأَنْ قَالَ قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَالَ قَبَضْت الْأَجْرَ أَوْ اسْتَوْفَيْت فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الْأَجْرُ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ يَرُدُّهُ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ هَذَا ثَوْبِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعَيْبِ رَدَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا أَوْ فَاحِشًا ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ السُّكْنَى وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الدَّارِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فَامِيٌّ مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا فَبَاعَ فِيهِ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَاخْتَلَفَا فِيمَا فِيهِ مِنْ الرُّفُوفِ وَأَشْبَاهِهَا فَقَالَ رَبُّ الْبَيْتِ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِي حِينَ اسْتَأْجَرْته وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ أَنَا أَحْدَثْته فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الطَّحَّانِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يُحْدِثُهُ الصُّنَّاعُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دُونَ الْآجِرِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَالْحَاصِلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُحْدِثُهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَةً لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي بِنَاءِ الدَّارِ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا أَوْ فِي بَابٍ أَوْ فِي خَشَبَةٍ أَدْخَلَهَا فِي السَّقْفِ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ أَنَا آجَرْتُك وَهَذَا فِيهَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَحْدَثْت فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَالْآجُرُّ الْمَفْرُوشُ وَالْغَلَقُ وَالْمِيزَابُ الظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ هُوَ الَّذِي يَتَّخِذُ ذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ لَبِنٍ مَوْضُوعٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ جِصٍّ أَوْ جِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَوْضُوعٍ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَفِي كُلِّ شَيْءٍ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّارِ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ بِئْرُ مَاءٍ مَطْوِيَّةٌ أَوْ بَالُوعَةٌ مَحْفُورَةٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَحْدَثْتهَا وَأَنَا أَقْلَعُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَكَذَلِكَ الْخُصُّ وَالسُّتْرَةُ وَالْخَشَبُ الْمَبْنِيُّ فِي الْبِنَاءِ وَالدَّرَجُ وَالْمُرَادُ مِنْ الدَّرَجِ مَا يَكُونُ مَبْنِيًّا فَأَمَّا مَا يَكُونُ مَوْضُوعًا فِيهِ كَالسُّلَّمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

فَلَوْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّارِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ جَصَّصَهَا أَوْ فَرَشَهَا بِالْآجُرِّ أَوْ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلَقًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ قَلْعُهُ فَإِنْ أَضَرَّ الْقَلْعُ بِالدَّارِ فَعَلَى رَبِّ الدَّارِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَتُونِ مَنْ بَنَاهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ كُوَّرَاتُ نَحْلٍ أَوْ حَمَّامَاتٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيمَا فِي الدَّارِ فَمَا كَانَ مُرَكَّبًا نَحْوَ الْبَابِ وَالسَّرِيرِ وَغَلَقِ الْبَابِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَمَا كَانَ مَفْصُولًا نَحْوَ الْفُرُشِ وَالْأَوَانِي وَالْخَشَبِ الْمَوْضُوعِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

إلَّا فِي أَحَدِ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا وَالْآخَرُ مُرَكَّبًا أَوْ لَوْحٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ السَّقْفِ فَهُوَ لِلْآجِرِ وَفِي التَّنُّورِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَلَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ فَاخْتَلَفَا فِي نَقْضِهِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْ بَيْتٍ انْهَدَمَ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ عَلَى أَنْ يَحْسِبَهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ فَاتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>