للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْضَارِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ.

وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي عَيْنٍ غَائِبَةٍ لَا يُعْرَفُ مَكَانَهَا بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا أَوْ جَارِيَةً لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ فَإِنْ بَيَّنَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَالْقِيمَةَ فَدَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَقْبُولَةٌ.

وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ أَشَارَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ إلَى أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ ثَوْبًا وَهُوَ يُنْكِرُ قَالَ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالَ: إنَّمَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا ذَكَرَ الْقِيمَةَ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ هَذَا وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ يَقُولُ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ فَيَثْبُتُ غَصْبُ الْجَارِيَةِ بِإِقْرَارٍ فِي حَقِّ الْحَبْسِ وَالْقَضَاءِ جَمِيعًا، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ، وَالْبَيِّنَةَ مَقْبُولَةٌ، وَلَكِنْ فِي حَقِّ الْحَبْسِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ: إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُكَلِّفَ الْمُدَّعِيَ بَيَانَ الْقِيمَةِ فَإِذَا كَلَّفَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَعْرِفُ مَا لَهُ فَلَوْ كَلَّفَهُ بَيَانَ الْقِيمَةِ فَقَدْ أَضَرَّ بِهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ، وَإِذَا سَقَطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ عَنْ الْمُدَّعِي سَقَطَ عَنْ الشُّهُودِ مِنْ الطَّرِيقِ الْأَوْلَى.

، وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّارُ الْمُدَّعَى بِهَا، ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلَّةِ، ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ السِّكَّةِ، بَدَأَ بِالْأَعَمِّ - وَهُوَ الْبَلَدُ - أَوْ بِالْأَخَصِّ، وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الشُّرُوطِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِالْأَعَمِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِالْأَخَصِّ، وَعِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْأَعَمِّ، وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْأَخَصِّ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارِ بَعْدَ هَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ: يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الْحَدِّ لَزِيقَ دَارِ فُلَانٍ وَلَا يَذْكُرَ دَارَ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَارُ فُلَانٍ مُدَّعًى بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ، وَعِنْدَنَا كِلَا اللَّفْظَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ ذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا يَكْفِي فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ كَفَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي أَفْعَالِ الْقَاضِي وَصِفَاتِهِ]

وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَيَقْضِيَ بِالْحَقِّ وَلَا يَقْضِيَ لِهَوًى يُضِلُّهُ وَلَا لِرَغْبَةٍ تُغَيِّرُهُ وَلَا لِرَهْبَةٍ تَزْجُرُهُ بَلْ يُؤْثِرُ طَاعَةَ رَبِّهِ وَيَعْمَلُ طَمَعًا فِي جَزِيلِ ثَوَابِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ فَيَتْبَعُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الْقَاضِي هَلْ يُفْتِي.؟ فِيهِ أَقَاوِيلُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَالدِّيَانَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْتِي لِلْخُصُومِ حَتَّى لَا يَقِفُوا عَلَى رَأْيِهِ فَيَشْتَغِلُوا بِالتَّلْبِيسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>