للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَحَدَّثُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ لَا يَقْضِي بِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

قَالَ فِي الْجَامِعِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، ثُمَّ جَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ إنَّا قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كُنَّا كَاذِبَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إذَا شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصْلَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ]

لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ طَعَنَ الْخَصْمُ أَمْ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَصِرُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ حَتَّى يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ فِي السِّرِّ وَيُزَكِّي فِي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ طَعَنَ الْخَصْمُ، أَوْ لَمْ يَطْعَنْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.

فَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ بَلْ عَدَّلَهُمْ بِأَنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ صَدَقُوا فِيمَا شَهِدُوا عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ جَائِزَةٌ شَهَادَتُهُمْ لِي وَعَلَيَّ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحَقِّ، وَإِنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ، يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَجْحَدْ دَعْوَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْجَوَابِ بَلْ سَكَتَ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ، ثُمَّ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَتِهِمْ، وَلَا يَسْأَلُ عَنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقًّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ مَعَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ بَلْ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَإِنْ جَحَدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَمَّا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جُعِلَ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ عِنْدَهُمَا يَقْضِي الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَسْأَلْ مِنْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ تَعْدِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْوَجْهِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ مَاذَا تَقُولُ أَصَدَقُوا فِي الشَّهَادَةِ أَمْ كَذَبُوا إنْ قَالَ: صَدَقُوا فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا لَا يَقْضِي، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مَسْتُورًا لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي، وَلَا يَجْعَلُ قَوْلَ الْخَصْمِ هُمْ عُدُولٌ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْدِيلُهُ إذَا كَانَ فَاسِقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>