للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الرَّجُلِ قَالَ لِعَبْدِهِ: صُمْ عَنِّي يَوْمًا وَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ: صَلِّ عَنِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ: عَتَقَ الْعَبْدُ صَامَ أَوْ لَمْ يَصُمْ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ إذَا أَدَّى إلَيْكُمْ عَبْدِي فُلَانٌ بَعْدَ مَوْتِي كُرَّ بُرٍّ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَالَ فَأَعْتِقُوهُ فَأَتَى بِالرَّدِيءِ وَقَبِلَ الْوَارِثُ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ أَدَّى الْوَسَطَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي التَّدْبِيرِ]

ِ التَّدْبِيرُ عَلَى نَوْعَيْنِ: مُطْلَقٌ، وَمُقَيَّدٌ (فَالْمُطْلَقُ) مَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

(وَلَهُ أَلْفَاظٌ) قَدْ يَكُونُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَّرْتُك وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ التَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ حَرَّرْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ مُعْتَقٌ أَوْ عَتِيقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْيَمِينِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَقُولَ: إذَا مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ مَتَى مَا مِتُّ أَوْ إنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ أَوْ مَتَى حَدَثَ لِي، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَكَانَ الْمَوْتِ الْوَفَاةَ أَوْ الْهَلَاكَ وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يُوصِيَ لِعَبْدِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِعِتْقِهِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ يَسْتَحِقُّ مِنْ جُمْلَتِهَا رَقَبَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُكَ بِنَفْسِكَ أَوْ رَقَبَتِكَ أَوْ بِعِتْقِكَ أَوْ كُلُّ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِثُلُثِ مَالِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ عَتَقَ بِمَوْتِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي يَصِيرُ مُدَبَّرًا لِلْحَالِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ عَنْ دُبْرِ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فِي مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَحُكْمُ الْمُطْلَقِ إذَا كَانَ حَيًّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا التَّزَوُّجُ عَلَيْهِ وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ وَلَا رَهْنُهُ وَلَهُ إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

فَإِنْ بَاعَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلتَّدْبِيرِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، ثُمَّ مَاتَ لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُؤَجِّرَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَطِئَهَا وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَأَكْسَابُهُ مَهْرُ الْمُدَبَّرَةِ وَأَرْشُهَا لِلْمَوْلَى فِي الْيَنَابِيعِ. فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ سَعَى فِي ثُلْثَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لِغُرَمَاءِ الْمَوْلَى، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَوَلَاءُ الْمُدَبَّرِ لِمُدَبِّرِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ، وَإِنْ عَتَقَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَصُورَتُهُ الْمُدَبَّرَةُ إذَا كَانَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَغَرِمَ شَرِيكُهُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَضَمِنَ عَتَقَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْوَلَاءُ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

(أَمَّا الْمُقَيَّدُ) فَهُوَ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِمَوْتِهِ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ أَوْ بِمَوْتِهِ، وَشَرْطٌ آخَرُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَعَ مَوْتِهِ شَرْطًا آخَرَ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحُكْمُهُ إذَا مَاتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ وَفِي الْحَيَاةِ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَغَيْرِهِمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: إنْ مِتُّ وَدُفِنْتُ أَوْ غُسِّلْتُ أَوْ كُفِّنْتُ فَأَنْت حُرٌّ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ مَنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ وَقَّتَهُ بِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْت حُرٌّ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>