للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَخَذَ، وَرَثَةُ الْمَوْلَى بِقَضَاءٍ قَبْلَ عَفْوِ الْآخَرِ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُشَارِكُوهُ، وَلَا يُتْبِعُونَهَا؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ جَمِيعَ مَا عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْخِيَارِ، وَإِنْ أَخَذُوا بَعْدَ عَفْوِ الْآخَرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، أَخَذَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ مُدَبَّرٌ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَعَبْدٌ، وَمُكَاتَبٌ، فَقَتَلُوا رَجُلًا، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَتْلَفَ رُبْعَ النَّفْسِ، فَيُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَيَسْعَى الْمُكَاتَبُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى مَوْلَى الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْإِقْرَارِ بِهَا]

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْإِقْرَارِ بِهَا) الْمُكَاتَبُ إذَا جَنَى جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَمُوجِبُهَا عَلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا، وَمِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ جَنَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَتَلَ مُكَاتَبٌ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرُ رَجُلًا يَسْعَى فِي عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُ، وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَلِكَ لَوْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْمُكَاتَبِ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: جَنَيْتُ بَعْدَمَا فُقِئَتْ عَيْنِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

الْوَاجِبُ بِنَفْسِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ هُوَ الدَّفْعُ، وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ الْوَاجِبُ إلَى الْمَالِ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَإِمَّا الِاصْطِلَاحُ عَلَى الْمَالِ، وَإِمَّا وُقُوعُ الْيَأْسِ عَنْ الدَّفْعِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْمَوْتِ عَنْ وَفَاءٍ، فَإِذَا جَنَى، وَعَجَزَ، وَرَدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَقَبْلَ اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى الْمَالِ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ أَوْ بِالْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الْمَالِ يُبَاعُ فِيهِ، وَلَا يَدْفَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْمَالِ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ هُوَ فِي رَقَبَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.

وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، فَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَضَى بَعْضُهُمْ جَازَ مَا فَعَلَ، وَلَمْ يُشْرِكْهُ الْآخَرُونَ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى عَجَزَ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهَا كَانَ مُخْتَارًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا، فَقَدْ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلرَّقَبَةِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا، فَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى عَجَزَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ دَفَعَ بِالْجِنَايَةِ، وَيَبِيعُهُ فِي الدَّيْنِ، فَيُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بَاعَهُ فِي الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً أُخْرَى خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّ عَلَيْهِ لِلثَّانِي مِثْلَ مَا لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ يَجْنِيهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمَا قَبْلَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى لَهُمَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَتَيْنِ، وَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ إلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ يَوْمَ جَنَى، وَلَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً، وَحَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَأَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا، فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ، فَمَاتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ لِلَّذِي، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ، وَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ وَسَعَى بَيْنَهُمَا، ثُمَّ عَطِبَ بِمَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ إنْسَانٌ، فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ آخَرُ، فَمَاتَ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، فَمَاتَ يَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي بِقِيمَةٍ أُخْرَى، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ الْأَوَّلِ فَرَسٌ، فَعَطِبَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ دَيْنًا يَسْعَى فِيهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَا يُشَارِكُونَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>