للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ نِصْفُهُ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَقَامَ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا ثُمَّ صَارَ حَشَفًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْكُفُرَّى حِينَ خَرَجَ ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ النَّخِيلِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ يَضْرِبُ فِيهِ الْغُرَمَاءُ بِدُيُونِهِمْ وَيَضْرِبُ الْعَامِلُ فِيهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْحَشَفِ وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ مَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الْحَشَفِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ]

(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا فَصْلُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ وَفِي يَدِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ يَزْرَعُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ وَأَنَّهُ شَرَطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الزَّرْعِ، ثُمَّ مَاتَ وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ ذَلِكَ، يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ أَقَرَّ بِهَذَا بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إقْرَارِهِ وَبُدِئَ بِدَيْنِ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَإِذَا قَضَى دَيْنَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ يُنْظَرُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ يُعْطَى لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ يَكُونُ وَصِيَّةً لِرَبِّ الْأَرْضِ فَيُسَلَّمُ لَهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ.

وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ صُدِّقَ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، فَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ فَبَقِيَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ أَعْطَى صَاحِبَ الْأَرْضِ تَمَامَ الْمَشْرُوطِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنُ الْمَرَضِ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ أَقَرَّ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ بُدِئَ بِحَقِّ رَبِّ الْأَرْضِ فَيُعْطَى لَهُ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ مِنْ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ إنْ كَانَ ثُلُثَا الْخَارِجِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَرِيضِ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمُزَارَعَةِ سَابِقًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ يُعْطَى لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ الْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ سَابِقًا فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يُحَاصُّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُزَارَعُ بِمَا ذَكَرْنَا وَالْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارَعِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ صُدِّقَ فِي إقْرَارِهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ رَبَّ الْأَرْضِ وَأَقَرَّ بِمَا قُلْنَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُزَارِعِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً فَلَمَّا صَارَ تَمْرًا مَرِضَ الْعَامِلُ فَقَالَ: شَرَطَ لِي رَبُّ النَّخِيلِ السُّدُسَ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ رَبُّ النَّخِيلِ وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ.

فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَوْ غُرَمَاؤُهُ: نَحْنُ نُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ، وَلَوْ طَلَبُوا اسْتِحْلَافَ رَبِّ النَّخِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ لَمْ يَحْلِفْ رَبُّ النَّخِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى دَعْوَى الْوَرَثَةِ أَنَّهُ مَا شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُسْتَحْلَفُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ حَيًّا وَأَقَرَّ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ النَّخِيلِ مَا شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ وَأَنِّي أَقْرَرْتُ بِالسُّدُسِ كَاذِبًا وَطَلَبِ يَمِينَ رَبِّ النَّخِيلِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ النَّخِيلِ.

هَذَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ أَجْنَبِيًّا مِنْ رَبِّ النَّخِيلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَامِلُ وَارِثَ رَبِّ النَّخِيلِ فَأَقَرَّ الْعَامِلُ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ بَعْدَ مَا أَدْرَكَ الثَّمَرُ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَوْ غُرَمَاؤُهُ: نَحْنُ نُقِيمُ بَيِّنَةً أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ سَمِعَ بَيِّنَتَهُمْ، وَلَوْ طَلَبُوا يَمِينَ رَبِّ النَّخِيلِ عَلَى ذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ رَبُّ النَّخِيلِ، وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى وَارِثِهِ نَخْلًا مُعَامَلَةً وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرِكْ بَعْدُ، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ بُدِئَ بِدَيْنِ الْعَامِلِ فَيُعْطَى لَهُ مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، ثُمَّ يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِمَرِيضٍ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّ هَذَا قَوْلُهُمَا، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ الْعَامِلُ: بَقِيَ لِي إلَى تَمَامِ حَقِّي شَيْءٌ لَمْ يَصِلْ إلَيَّ، وَقَالَ بَاقِي الْوَرَثَةِ: لَمْ يَبْقَ لَكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ حَقَّكَ كَانَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَقَدْ وَصَلَ إلَيْكَ، فَأَرَادَ الْعَامِلُ اسْتِحْلَافَ بَاقِي الْوَرَثَةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ الْوَارِثُ الْعَامِلُ: كَانَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَالْإِقْرَارُ كَانَ فِي حَالِ الْمَرَضِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُمْ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>