مِنْهَا، فَإِنْ بَاعَهَا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَإِنْ ذَبَحَهَا وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا جَازَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا غَرِمَ قِيمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ أَيَّامَ النَّحْرِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ فَضَحَّى بِهَا عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، فَإِنْ بَاعَهَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُضَحَّى عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَاةً وَلَا بَقَرَةً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ أَيْضًا جَازَ وَتَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَلَا ثَمَنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ لَمْ يَسْقُطْ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مِصْرِيٌّ وَكَّلَ وَكِيلًا بِأَنْ يَذْبَحَ شَاةً لَهُ وَخَرَجَ إلَى السَّوَادِ فَأَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْأُضْحِيَّةَ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ مِنْ الْمِصْرِ فَذَبَحَهَا هُنَاكَ فَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِي السَّوَادِ جَازَتْ أُضْحِيَّتُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ قَدْ عَادَ إلَى الْمِصْرِ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ بِقُدُومِهِ لَمْ تَجُزْ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِعَوْدِ الْمُوَكِّلِ إلَى الْمِصْرِ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُجْزِئُهُ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَنَوْعِهِ وَسِنِّهِ، وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ. (أَمَّا جِنْسُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ: الْغَنَمِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ، وَيَدْخُلُ فِي كُلِّ جِنْسٍ نَوْعُهُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْهُ وَالْخَصِيُّ وَالْفَحْلُ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْجِنْسِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَعْزُ نَوْعٌ مِنْ الْغَنَمِ وَالْجَامُوسُ نَوْعٌ مِنْ الْبَقَرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيّ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُتَوَلَّدًا مِنْ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَالْعِبْرَةُ لِلْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ أَهْلِيَّةً تَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْبَقَرَةُ وَحْشِيَّةً وَالثَّوْرُ أَهْلِيًّا لَمْ تَجُزْ، وَقِيلَ: إذَا نَزَا ظَبْيٌ عَلَى شَاةٍ أَهْلِيَّةٍ، فَإِنْ وَلَدَتْ شَاةً تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ، وَإِنْ وَلَدَتْ ظَبْيًا لَا تَجُوزُ، وَقِيلَ: إنْ وَلَدَتْ الرَّمَكَةُ مِنْ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ حِمَارًا لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَرَسًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَرَسِ، وَإِنْ ضَحَّى بِظَبْيَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ أَوْ بِبَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ لَمْ تَجُزْ.
(وَأَمَّا سِنُّهُ) فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَإِلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ خَاصَّةً إذَا كَانَ عَظِيمًا، وَأَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا: الْجَذَعُ مِنْ الْغَنَمِ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّنِيُّ ابْنُ سَنَةٍ وَالْجَذَعُ مِنْ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَةٍ وَالثَّنِيُّ مِنْهُ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَالْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَالثَّنِيُّ ابْنُ خَمْسٍ، وَتَقْدِيرُ هَذِهِ الْأَسْنَانِ بِمَا قُلْنَا يَمْنَعُ النُّقْصَانَ، وَلَا يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ، حَتَّى لَوْ ضَحَّى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ ضَحَّى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَجُوزُ وَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَمَلٌ وَلَا جَدْيٌ وَلَا عَجُولٌ وَلَا فَصِيلٌ.
. (وَأَمَّا قَدْرُهُ) : فَلَا تَجُوزُ الشَّاةُ وَالْمَعْزُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً سَمِينَةً تُسَاوِي شَاتَيْنِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ بَعِيرٌ وَاحِدٌ وَلَا بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ سَبْعَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَأَمَّا صِفَتُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ بِالْجَمَّاءِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ بَلَغَ الْكَسْرُ الْمُشَاشَ لَا يُجْزِيهِ، وَالْمُشَاشُ رُءُوسُ الْعِظَامِ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَيَجُوزُ الْمَجْبُوبُ الْعَاجِزُ عَنْ الْجِمَاعِ، وَاَلَّتِي بِهَا السُّعَالُ، وَالْعَاجِزَةُ عَنْ الْوِلَادَةِ لِكِبَرِ سِنِّهَا، وَاَلَّتِي بِهَا كَيٌّ، وَاَلَّتِي لَا يَنْزِلُ لَهَا لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَاَلَّتِي لَهَا وَلَدٌ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَهَا أَلْيَةٌ صَغِيرَةٌ خُلِقَتْ بِشَبَهِ الذَّنَبِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا أَلْيَةٌ خُلِقَتْ كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تَجُوزُ الْعَمْيَاءُ وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْشِيَ بِرِجْلِهَا إلَى الْمَنْسَكِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَمَقْطُوعَةُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا فِي الْخِلْقَةِ، وَتُجْزِئُ السَّكَّاءُ وَهِيَ صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَلَا تَجُوزُ مَقْطُوعَةُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بِكَمَالِهَا وَاَلَّتِي لَهَا إذْنٌ