للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٌ خِلْقَةً، وَلَوْ ذَهَبَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ الْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ وَالْعَيْنِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الذَّاهِبُ كَثِيرًا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْجَامِعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَهَبَ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثُّلُثَ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَهَابُ قَدْرِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ مِنْ الْعَيْنِ بِأَنْ تُشَدَّ الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا، فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَيُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَى الشَّاةِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَكَانُ، ثُمَّ يُقَدَّرُ مَا بَيْنَ الْعَلَامَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ الْمَسَافَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَ فَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثُ وَبَقِيَ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَقَدْ ذَهَبَ النِّصْفُ وَبَقِيَ النِّصْفُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَرْعَى وَتَعْتَلِفُ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَتَجُوزُ الثَّوْلَاءُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرَّعْيَ وَالِاعْتِلَافَ فَلَا تَجُوزُ، وَتَجُوزُ الْجَرْبَاءُ إذَا كَانَتْ سَمِينَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً لَا تَجُوزُ، وَتُجْزِئُ الشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا، وَالْمُقَابَلَةُ أَنْ يُقْطَعَ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا شَيْءٌ وَلَا يُبَانُ بَلْ يُتْرَكُ مُعَلَّقًا، وَالْمُدَابَرَةُ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِمُؤَخَّرِ الْأُذُنِ مِنْ الشَّاةِ، وَمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ وَالْخَرْقَاءِ» فَالنَّهْيُ فِي الشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَفِي الْخَرْقَاءِ عَلَى الْكَثِيرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقَاوِيلِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَا تُجْزِئُ الْجَدْعَاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأَنْفِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالْحَوْلَاءُ تُجْزِئُ وَهِيَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ، وَكَذَا الْمَجْزُوزَةُ وَهِيَ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا تَجُوزُ الْحَذَّاءُ وَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ ضَرْعُهَا، وَلَا الْمُصَرَّمَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرْضِعَ فَصِيلَهَا، وَلَا الْجَدَّاءُ وَهِيَ الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْيَتِيمَةِ كَتَبْتُ إلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ مَقْطُوعَةَ اللِّسَانِ هَلْ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا؟ . فَقَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِالِاعْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ يُخِلُّ بِهِ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَقَطْعُ اللِّسَانِ فِي الثَّوْرِ يُمْنَعُ، وَفِي الشَّاةِ اخْتِلَافٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَاَلَّتِي لَا لِسَانَ لَهَا فِي الْغَنَمِ تَجُوزُ، وَفِي الْبَقَرِ لَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَسُئِلَ عَمْرُو بْنُ الْحَافِظِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ السُّدُسَ هَلْ يُجْمَعُ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى النَّجَاسَاتِ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا يُجْمَعُ كَمَا فِي الْخُرُوقِ فِي الْخُفَّيْنِ؟ . قَالَ: لَا يُجْمَعُ، وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ هَلْ تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.؟ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَا تَجُوزُ الْجَلَّالَةُ وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعُذْرَةَ وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجَلَّالَةُ إبِلًا تُمْسَكُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَطِيبَ لَحْمُهَا وَالْبَقَرُ يُمْسَكُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَالْغَنَمُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْعُصْفُورُ يَوْمًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا تُجْزِئُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي وَيَسْتَوِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَذَلِكَ أَوْ صَارَتْ عِنْدَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ أَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ فَيَتَأَدَّى بِالْعَيْنِ عَلَى أَيِّ خِلْقَةٍ كَانَتْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً فِيهَا بَعْضُ الشَّحْمِ جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَتْ مَهْزُولَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ فَسَمِنَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَمَقْطُوعَةُ رُءُوسِ ضُرُوعِهَا لَا تَجُوزُ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ، وَفِي الشَّاةِ وَالْمَعْزِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا، قَوْلُهُ: وَالدَّجَاجَةُ إلَخْ هَذِهِ فَائِدَةٌ ذُكِرَتْ تَتْمِيمًا لِلْعِبَارَةِ الْمُتَقَوَّلَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. مُصَحِّحُهُ، قَوْلُهُ: لَا تُنْقِي مَأْخُوذٌ مِنْ النِّقْي بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ أَيْ لَا مُخَّ لَهَا، كَذَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا تَفْسِيرُ النِّقْي بِالْمُخِّ اهـ. مُصَحِّحُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>