للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقُنْيَةِ.

سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَجَمَعَ الْمَالَ مِنْ أَخْذِ الْغَرَامَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِأَحَدٍ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ فِي دِينِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَسَعُهُ أَكْلُهُ حُكْمًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ لَمْ يَقَعْ فِي يَدِ الْمُطْعِمِ غَصْبًا أَوْ رِشْوَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الصَّبْرُ عَلَى الْفَقْرِ أَفْضَلُ مِنْ الشُّكْرِ عَلَى الْغِنَى، الِامْتِنَاعُ مِنْ الْكَسْبِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْإِنْفَاقِ عَلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب السَّادِس عَشْر فِي زِيَارَة الْقُبُور وَقِرَاءَة الْقُرْآن فِي الْمَقَابِر]

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ) لَا بَأْسَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَظَاهِرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَضِي الْجَوَازَ لِلنِّسَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الرِّجَالَ وَفِي الْأَشْرِبَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا وَفِي التَّهْذِيبِ يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَكَيْفِيَّةُ الزِّيَارَةِ كَزِيَارَةِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

وَإِذَا أَرَادَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْإِخْلَاصَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ نُورًا وَيَكْتُبُ لِلْمُصَلِّي ثَوَابًا كَثِيرًا ثُمَّ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فِي الطَّرِيقِ فَإِذَا بَلَغَ الْمَقْبَرَةَ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَقِفُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلًا لِوَجْهِ الْمَيِّتِ وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَإِذَا أَرَادَ الدُّعَاءَ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

وَإِنْ كَانَ شَهِيدًا يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.

وَإِذَا كَانَ قُبُورُ الْمُسْلِمِينَ مُخْتَلِطَةً بِقُبُورِ الْكُفَّارِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: ١] وَأَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ إذَا أَخْفَى وَلَمْ يَجْهَرْ لَا تُكْرَهُ وَلَا بَأْسَ بِهَا إنَّمَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمَقْبَرَةِ جَهْرًا أَمَّا الْمُخَافَتَةُ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَإِنْ خَتَمَ، وَكَانَ الصَّدْرُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمَقَابِرِ سُورَةَ الْمُلْكِ سَوَاءٌ أَخْفَى أَوْ جَهَرَ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْمَقَابِرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْخُفْيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عِنْدَ الْقُبُورِ إنْ نَوَى بِذَلِكَ أَنْ يُؤْنِسَهُ صَوْتُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَجْلَسَ وَارِثُهُ عَلَى قَبْرِهِ مَنْ يَقْرَأُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الزِّيَارَةِ أَرْبَعَةٌ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالزِّيَارَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَسَنٌ وَيَوْمَ السَّبْتِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقِيلَ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَكَذَا فِي اللَّيَالِيِ الْمُتَبَرَّكَةِ لَا سِيَّمَا لَيْلَةَ بَرَاءَةَ وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَبَرَّكَةِ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَاشُورَاءَ وَسَائِرِ الْمَوَاسِمِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

إذَا مَرَّ بِمَقْبَرَةٍ وَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ بِنِيَّةِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِمْ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي مَنْ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ يُغْفَرُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ غُفِرَ لِهَذَا الْقَارِئِ وَوَهَبَ ثَوَابًا لِلْمَيِّتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَإِنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>