للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُشْهَدَ بِهِ عِنْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَلَوْ تَرَكَ الْمَقْذُوفُ الْمُطَالَبَةَ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَكَذَلِكَ يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْحَاكِمِ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي قَبْلِ أَنْ يَثْبُتَ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ مِنْ الْغَائِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

[فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ]

(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ) وَهُوَ تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ وَيَجِبُ فِي جِنَايَةٍ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلْحَدِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ. وَالْأَوَّلُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ إلَّا فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ انْزَجَرَ الْفَاعِلُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِمُدَّعٍ شَهِدَ بِهِ فَيَكُونُ مُدَّعِيًا شَاهِدًا إذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

قَالُوا لِكُلِّ مُسْلِمٍ إقَامَةُ التَّعْزِيرِ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ وَأَمَّا بَعْدَ الْمُبَاشَرَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَأَى غَيْرَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ مُوجِبَةٍ لِلتَّعْزِيرِ بِغَيْرِ الْمُحْتَسِبِ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُعَزَّرَ إنْ عَزَّرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

سُئِلَ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ؟ قَالَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ الزِّنَا بِالصِّيَاحِ وَالضَّرْبِ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ لَا يَحِلُّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالْقَتْلِ حَلَّ لَهُ الْقَتْلُ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ الْمَرْأَةُ حَلَّ لَهُ قَتْلُهَا أَيْضًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ

الْمُكَابِرُ بِالظُّلْمِ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْمَكْسِ وَجَمِيعُ الظَّلَمَةِ وَالْأَعْوَانِ وَالسُّعَاةِ يُبَاحُ قَتْلُ الْكُلِّ وَيُثَابُ قَاتِلُهُمْ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَهَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَالْمُجْتَبَى.

وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُعَزِّرَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ عِنْدَ إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْحَاجَةِ إلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَالتَّعْزِيرُ الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ بِالْقَذْفِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْحَاكِمُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَا فِيهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. يَجْرِي فِيهِ الْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَيَثْبُتُ التَّعْزِيرُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطَيْنِ

رَجُلٌ ادَّعَى قِبَلَ إنْسَانٍ شَتِيمَةً فَاحِشَةً أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِذَا عُدِّلَ الشُّهُودُ يُضْرَبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

التَّعْزِيرُ قَدْ يَكُونُ بِالْحَبْسِ وَقَدْ يَكُونُ بِالصَّفْعِ وَتَعْرِيكِ الْأُذُنِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ وَقَدْ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَقَدْ يَكُونُ بِنَظَرِ الْقَاضِي إلَيْهِ بِنَظَرٍ عَبُوسٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ التَّعْزِيرُ لِلسُّلْطَانِ بِأَخْذِ الْمَالِ وَعِنْدَهُمَا وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَعْنَى التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إمْسَاكُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدَهُ الْحَاكِمُ إلَيْهِ لَا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

فِي الشَّافِي التَّعْزِيرُ عَلَى مَرَاتِبَ تَعْزِيرُ أَشْرَفُ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ وَالْعَلَوِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا فَيَنْزَجِرُ بِهِ وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالدَّهَاقِينُ بِالْإِعْلَامِ وَالْجَرِّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ وَتَعْزِيرُ الْأَوْسَاطِ وَهُمْ السُّوقِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَالْجَرِّ وَالْحَبْسِ وَتَعْزِيرُ الْأَخِسَّةِ بِهَذَا كُلِّهِ وَبِالضَّرْبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَوْطًا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ جَلَدَاتٍ وَذَكَرَ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَدْنَاهُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي فِي سَبَبِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَجِبْ بِعَارِضٍ يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ أَقْصَى غَايَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>