للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَمُوتَ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، هَذَا إذَا كَانَ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ - فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ، وَلَا تَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَى مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْأَبَدِ فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِثِمَارِ بُسْتَانِي أَبَدًا كَانَ لَهُ الثَّمَرَةُ الْقَائِمَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْبُسْتَانِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا فَحَدَثَ فِي الْبُسْتَانِ شَجَرٌ مِنْ أُصُولِ النَّخِيلِ وَأَثْمَرَ دَخَلَتْ غَلَّةُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ غَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ، وَإِنْ قَاسَمَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ مَعَ الْوَرَثَةِ فَأَغَلَّ الَّذِي لِلْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ أَوْ أَغَلَّ الَّذِي لَهُمْ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لَهُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي الْغَلَّةِ، (قَالَ) وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْ الْبُسْتَانِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعُوا الْكُلَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِحِصَّةِ الثُّلُثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الدَّارِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوا الدَّارَ فَإِنِّي أَخَافُ إذَا قُسِّمَتْ أَنْ لَا يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوهُ فَيُعْزَلُ لَهُ الثُّلُثُ فَإِذَا أَغَلَّ فَهُوَ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا.

وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ وَلَيْسَ فِيهَا نَخِيلٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُهُ فَيُعْطِي صَاحِبَ الْغَلَّةِ ثُلُثَ الْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَخِيلٌ أَوْ شَجَرٌ أَعْطَى ثُلُثَ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّخِيلِ وَالشَّجَرِ وَلَا يَدْفَعُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ إجَارَةَ الْأَرْضِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ مُنْذُ سِنِينَ مُسَمَّاةٍ كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا وَهِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِهَا فَإِنْ كَانَ مَا سَمَّى مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهَا وَجَبَ تَنْفِيذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ تَنْفُذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَارَةِ: إنْ أَرَدْت أَنْ تُؤَاجِرَ مِنْك هَذِهِ الْأَرْضَ فَبَلَغَ الْأَجْرُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ بَلَغَ تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَبَدًا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَوْ بِلَبَنِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا مِنْ الْوَلَدِ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُوصِي سَوَاءٌ قَالَ: أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْوَرَثَةُ وَلَكِنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْغَلَّةَ وَيُبَرِّئَهُمْ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَا يَجُوزُ

وَإِذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ فِي الْمَسَاكِينِ جَازَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.

وَإِذَا أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ بِظَهْرِ دَابَّتِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُتْرَكَ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ لِلْمَسَاكِينِ فَمَاتَ وَلَمْ يَحْمِلْ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِشَيْءٍ قِيلَ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَقِيلَ: يُوقَفُ هَذَا الْكَرْمُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِغَلَّتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ كَرْمِهِ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَوَائِمُ وَالْأَوْرَاقُ وَالْحَطَبُ وَالثَّمَرَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ أَوْصَى بِثِيَابِ جَسَدِهِ لِرَجُلٍ جَازَ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الْجِبَابِ وَالْقَمَصِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْأَكْسِيَةِ دُونَ الْقَلَانِسِ وَالْخِفَافِ وَالْجَوَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الثِّيَابِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

أَوْصَى فَقَالَ: تَصَدَّقُوا بِهَذَا الثَّوْبِ إنْ شَاءُوا بَاعُوهُ وَأَعْطَوْهُ ثَمَنَهُ وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ قِيمَتَهُ وَأَمْسَكُوا الثَّوْبَ.

أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (ده يَتِيم راجامه كُنَّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>