للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُلْ: إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَبْرَأْ مِنْ مَرَضِي فَقَدْ أَوْصَيْت بِكَذَا أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: (اكرمزا ازين بيمارى مَرَّك آيَد) أَوْ قَالَ: (اكرازين بيمارى بميرم) فَحِينَئِذٍ إذَا بَرَأَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ أَوْصَى وَقَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ وَيُعْطَى فُلَانٌ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا وَيَحُجُّ عَنِّي، ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، وَقَالَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ لِغَيْرِهِمْ: اشْهَدُوا أَنِّي عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ الْأُولَى حِينَ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُجِيزُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لِعَبْدِ اللَّهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ، ثُمَّ بَرَأَ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَوْصَى بِوَصَايَا، وَكَتَبَ بِهَا صَكًّا، ثُمَّ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْصَى بِوَصَايَا أَيْضًا وَكَتَبَ صَكًّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الصَّكِّ الثَّانِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى يُعْمَلْ بِهِمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْوَسْوَاسُ فَصَارَ مَعْتُوهًا فَمَكَثَ كَذَلِكَ زَمَانًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ.

مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ لِضَعْفِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاقِلٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ بِوَصِيَّةٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ بِإِشَارَتِهِ وَأَصْحَابُنَا لَمْ يُجَوِّزُوا، وَقَالَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

ذَكَرَ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ رَجُلٌ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ الْكَلَامِ لِمَرَضٍ فَأَشَارَ أَوْ كَتَبَ فَطَالَ ذَلِكَ وَتَقَادَمَ الْعَهْدُ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَكُونُ حُكْمَ الْأَخْرَسِ.

وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، فَإِذَا مِتُّ أَنَا فَادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ يَدْفَعُهُ الْمَأْمُورُ إلَى فُلَانٍ كَمَا أَمَرَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: هُوَ لِفُلَانٍ وَلَكِنْ قَالَ: ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ الْآمِرُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَدْفَعُهُ إلَى فُلَانٍ.

وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرِيضٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ وَعَلَى الْمَيِّتِ دُيُونٌ قَالَ: إنْ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي، أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ.

وَعَنْ نُصَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ: هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ.

رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَنْفَذُوا وَصَايَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ وَالرَّدِيئَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ جَازَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَالنُّقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَصَايَاهُ بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْبَيَّاعَاتِ.

مَرِيضٌ أَوْصَى بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ وَدَرَاهِمُهُ صِحَاحٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ الصِّحَاحِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُبَاعُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُكَسَّرَةِ وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ.

مَرِيضٌ قَالُوا لَهُ: لِمَ لَا تُوصِي، فَقَالَ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي فَيُتَصَدَّقُ بِأَلْفٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَزِدْ حَتَّى مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَلْفَانِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُتَصَدَّقُ إلَّا بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي، وَلَمْ يَزِدْ قَالَ: يُتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

مَرِيضٌ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا الثُّلُثُ أَكْثَرُ قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا نَصِيبُهُ النِّصْفُ قَالَ: هُوَ لَهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ النِّصْفُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ الْأَلْفُ الْعُشْرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لِفُلَانٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ مَا فِي الْكِيسِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي الْكِيسِ دَنَانِيرُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>