للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى مَاتَ، هَلْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِقَدْرِ مَا لَزِمَ لَهُمْ أَفْتَى بِلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حُلِيًّا يُزَيِّنُ بِهِ عَرُوسَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَ الْحُلِيَّ وَلَمْ يُزَيِّنْ الْعَرُوسَ، قَالَ: يَلْزَمُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ اكْتَرَى مَحْمِلًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ فَخَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَرْكَبْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَكَانِ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَحْمِلِ إنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَحْمِلَ شَهْرًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ وَبَعْدَمَا وَجَبَ الِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَجِّرِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّسْلِيمُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى آجَرَهُ مِنْ الْبَائِعِ شَهْرًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(سُئِلَ) عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَجَرَةً قَائِمَةً وَتَرَكَهَا فِي مَوْضِعِهَا خَمْسَ سِنِينَ فَازْدَادَتْ الشَّجَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَهَا، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ادْفَعْ إلَيَّ أُجْرَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا أَجْرَ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَكَانِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابِلٌ لِلُّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ، قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ لُبْسُ الثَّوْبِ فِي بَيْتِهِ مِثْلَ اللُّبْسِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الضَّرَرِ بِالثَّوْبِ أَوْ دُونَهُ فَالْجَوَابُ كَمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.

الْقَصَّارُ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثَوْبُ هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَدْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ، قَالَ: لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ قَصَّرَ بَعْدَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الصَّبَّاغِ إنْ صَبَغَ قَبْلَ الْجُحُودِ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ، وَإِنْ صَبَغَ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَفِي النَّسَّاجِ إنْ نَسَجَ قَبْلَ الْجُحُودِ الْأَجْرُ لَازِمٌ وَبَعْدَ الْجُحُودِ الثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ غَزْلُ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ أَنْكَرَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً وَقَبَضَهُ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفَانِ فَمَضَتْ السَّنَةُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ سَنَةٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا، كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَجْتَمِعَا، وَفَسَّرَ هِشَامٌ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْأَجْرُ وَجَبَ لِاسْتِعْمَالِهِ الْعَبْدَ فِي السَّنَةِ، وَالضَّمَانُ وَجَبَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَرُدَّ فَوَجَبَ الضَّمَانُ فَاخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا وَاخْتَلَفَ الزَّمَانُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ الِاجْتِمَاعُ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَيَسْقُطَ عَنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

كُلُّ صَانِعٍ لَيْسَ لِصُنْعِهِ أَثَرٌ قَائِمٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ وَالْغَسَّالِ لَا يَكُونُ لَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالْأَجْرِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ يَحْبِسُ الْعَيْنَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَلِلنَّسَّاجِ وَمَنْ حَلَقَ الشَّعْرَ وَكَسَّرَ الْحَطَبَ وَكُلُّ مَنْ صَارَتْ الْعَيْنُ بِعَمَلِهِ شَيْئًا آخَرَ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَمِلَ فِي دُكَّانِهِ، وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَمَّا الْقَصَّارُ إذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ فَإِنْ ظَهَرَ أَثَرُ عَمَلِهِ فِي الثَّوْبِ بِاسْتِعْمَالِ النَّشَاسْتَجِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ إلَّا إزَالَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>