مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ تَقْرِيرٍ وَإِشْهَادٍ وَطَلَبُ تَمْلِيكٍ (أَمَّا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ) فَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَتئِذٍ وَإِذَا سَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ طَلَبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا فَلَا بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَخِيَارِ الْقَبُولِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ لَفْظِ الطَّلَبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِأَيِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ قَالَ طَلَبْت الشُّفْعَةَ وَأَطْلُبُهَا وَأَنَا طَالِبُهَا جَازَ وَلَوْ قَالَ الشُّفْعَةُ لِي أَطْلُبُهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنَا شَفِيعُك وَآخُذُ الدَّارَ مِنْك بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ وَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ عَطَسَ صَاحِبُهُ فَشَمَّتَهُ أَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك، وَقَدْ طَلَبْت شُفْعَتَهَا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَبِكَمْ اشْتَرَاهَا وَإِذَا قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مِنْ شفاعت خواهم) بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَالطَّلَبُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ لَا وَقْتَ شِرَائِهِ فَأَمَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ أَوْ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ الطَّلَبُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْإِجَازَةِ. وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الطَّلَبُ وَقْتَ الْقَبْضِ وَفِي رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَوْ سَمِعَ الشَّرِيكُ وَالْجَارُ بَيْعَ الدَّارِ وَهُمَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ وَسَكَتَ الْجَارُ ثُمَّ تَرَكَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ. دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا شَفِيعَانِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبُ وَطَلَبَ الْحَاضِرُ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ عَلِمَهُ بِالْبَيْعِ قَدْ يَحْصُلُ بِسَمَاعِهِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَالْعَدَالَةُ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ أَحَدُ هَذَيْنِ أَمَّا الْعَدَدُ فِي الْمُخْبِرِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. وَأَمَّا الْعَدَالَةُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْعَدَدُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِالشُّفْعَةِ عَدْلًا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ فَاسِقًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَسَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ عَلَى فَوْرِ الْخَبَرِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَهُمَا إذَا ظَهَرَ كَوْنُ الْخَبَرِ صَادِقًا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلًا وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ إنْ صَدَّقَهُ الشَّفِيعُ فِي ذَلِكَ ثَبَتَ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَأَمَّا طَلَبُ الْإِشْهَادِ) فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ حَتَّى يَتَأَكَّدَ الْوُجُوبُ بِالطَّلَبِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ الْإِشْهَادُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الطَّلَبِ لَكِنْ لِيَتَوَثَّقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَيَقُول لَهُ لَمْ تَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتَ بَلْ تَرَكْت الطَّلَبَ وَقُمْت عَنْ الْمَجْلِسِ وَالشَّفِيعُ يَقُولُ طَلَبْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَقْتَ الطَّلَبِ تَوْثِيقًا وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَبُ الْإِشْهَادِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمَبِيعِ فَيَقُولُ عِنْدَ حَضْرَةِ وَاحِدِ مِنْهُمْ: إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارًا وَيَذْكُرُ حُدُودَهَا الْأَرْبَعَةَ وَأَنَا شَفِيعُهَا، وَقَدْ كُنْت طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَأَنَا أَطْلُبُهَا الْآنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ طَلَبُ الْإِشْهَادِ مُقَدَّرٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ، فَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ حَضْرَةِ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ الْإِشْهَادَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَرَكَ الْأَقْرَبَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَذَهَبَ إلَى الْأَبْعَدِ إنْ كَانَ الْكُلُّ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ لَا تَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى هَذَا الْمِصْرِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّ الْمِصْرَ الْوَاحِدَ مَعَ نَوَاحِيهِ وَأَمَاكِنِهِ جُعِلَ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ فِي مَكَان حَقِيقَةٍ وَطَلَبَ مِنْ أَبْعَدِهَا وَتَرَكَ الْأَقْرَبَ جَازَ، فَكَذَا هَذَا إلَّا أَنْ يَصِلَ إلَى الْأَقْرَبِ وَيَذْهَبَ إلَى الْأَبْعَدِ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لَمْ يُقْبَضْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَشْهَدَ عَلَى طَلَبِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute