للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ، وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ إدْرَاكَ الزَّرْعِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. .

ثُمَّ إذَا تَرَكَ الْأَرْضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْرُكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَزَرْعَهَا فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا اشْتَرَى الْمَزَارِعُ الْأَرْضَ مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرْعَهَا فَنَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ، يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْضِ نَاقِصَةً وَعَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ اشْتَرَاهَا فَيَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

اشْتَرَى دَارًا وَصَبْغَهَا بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَهَدَمَ بِنَاءَهَا أَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ. مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا، وَإِذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ مَهْدُومًا؛ لِأَنَّ بِالْهَدْمِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْهَادِمِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ خَمْسَمِائَةٍ فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَالثَّمَنُ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ ثَلَثَمِائَةٍ أَثْمَانًا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِخَمْسَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَلَوْ احْتَرَقَ الْبِنَاءُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ السَّيْلُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لَهُ ثَمَنٌ وَلَوْ لَمْ يَهْدِمْ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ وَلَكِنْ بَاعَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا وَإِنْ شِئْت فَدَعْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ، وَكَذَا إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَكَذَا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَهْلِكْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ نَزَعَ الْمُشْتَرِي بَابَ الدَّارِ وَبَاعَهُ تَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَغَرَقَ نِصْفُهَا فَصَارَ مِثْلَ الْفُرَاتِ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا يُسْتَطَاعُ رَدُّ ذَلِكَ عَنْهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِذَا اشْتَرَى فَوَهَبَ بِنَائِهَا الرَّجُلُ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهَدَمَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبِنَاءِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهْدِمْ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ وَاشْتَرَطَ ثَمَرَةً فِي الْبَيْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ أَجْمَعَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ جَاءَ، وَقَدْ جَذَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالثَّمَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَمَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ، وَقِيلَ لَهُ خُذْ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِمَا إنْ شِئْتَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا الشَّفِيعُ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَأَكَلَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَدْ وَقَعَ وَلَا ثَمَرَةَ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَوْ جَدَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ احْتَرَقَتْ أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ فَهَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>